بقلم : حمدي رزق
فيما حمل البيان العاشر للقيادة العامة للقوات المسلحة البشرى، استشهاد ثلاثة من البررة الأخيار، ضابط صف وجنديين، شيعت قرية الكودية (مركز ديروط/ أسيوط) ابنها الشهيد جندى مقاتل «مينا تواب»، ارتقى إلى السماء، وقبل الشهادة كتب «مينا» على فيس بوك «اشبعوا من وجودى مش يمكن أنا اللى أموت المرة الجاية»، مشبعناش يا مينا، مشبعناش منك يا حبيبى، يا قلب أمك.
مصر تزف شهداءها، وقبلها بأيام قلائل شيعت عزبة الركن/ قطور/ غربية، الشهيد المجند إبراهيم عيد إبراهيم الأبيض، وشيع أبناء عزبة قاسم بقرية سلامون/ بسيون/ غربية، الشهيد عمر عثمان عبدالكريم، واستشهدا أثناء تواجدهما بالخدمة العسكرية خلال المواجهات فى عمليات تطهير سيناء للقضاء على الإرهاب.
مصر تتجلى بمسيحييها ومسلميها شهداء، وكما ارتوى التراب الطاهر فى معركة التحرير الأولى (أكتوبر 73) بالدم المصرى جميعاً، مسلمين وأقباطا، فى آية من آيات الوطن، تتعانق أرواح الشهداء فى معركة التحرير الثانية (سيناء 2018).
لله در شبابنا فى موتهم قد سبقونا صعوداً إلى الجنان، أمام الشهادة لا فارق بين مسلم ومسيحى، ما لم تفرقه الحياة لا يفرقه الموت فى سبيل الوطن، وجيش مصر مؤلف من كل المصريين، كلنا جنود، وضريبة الوطن يدفعها عن طيب خاطر المصريون جميعاً، الكل فى واحد.
دماء الشهداء تحرر الأرض التى تمكن منها الإرهابيون فى عام الإخوان الكئيب، ولولا هذه التضحيات لكانت ضاعت الحدود الشرقية من بين أيدينا ونحن عنها غافلون، المخطط الإخوانى كان خطيراً، الإخوان وبتمويل منهم استقدموا فى عام واحد آلاف الإرهابيين، واستوطنوهم فى الأرض، جعلوا من سيناء مرفأ لكل الدواعش الهائمين على وجوههم فى الأرض، حتى «داعش الرقة» قذف بهم «قردوجان» التركى إلى سيناء، وكأنها الوطن الموعود للدواعش، «وعد مرسى» كما كان «وعد بلفور».. صيغة احتلال!.
تطهير سيناء التى سكنها الدواعش يحتاج إلى وقت وصبر وشهادة، وما يجرى هناك على الأرض جراحة دقيقة، الدواعش يتحصنون بالدروع البشرية، ويرهبون القبائل، ويقتلون المشايخ والأطفال والنساء، ويشنون حرب عصابات بأسلحة ثقيلة وفرها الخائن «مرسى» الذى يجب أن يحاكم على تشكيل هذا الجيش ضد جيش الوطن، خيانة مرسى للوطن وتوطينه الإرهابيين فى سيناء أخطر من تسريبه وثائق الدولة المصرية إلى الاستخبارات القطرية، هذه خيانة وتلك خيانة أشد، الإخوان خونة الأوطان.
أولادنا فى سيناء ليسوا فى نزهة خلوية، وكل منهم يتشهد إذا أقبل المساء وأرخى سدوله، وإذا أصبح الصباح، وما الإصباح منك بأمثل، زادهم وزوادهم الشهادة فى حب الوطن، لا يفترق فى حب الشهادة ضابط عن جندى، مسلم أو مسيحى.
مواكب الشهداء تؤذن عليها المساجد عاليا وتدق لها أجراس الكنائس، تزفها، تصعد الأرواح متحابة إلى السماء، كما خدموا الوطن معا، تقاسموا اللقمة، وشربة الماء، ونومة فى الخلاء، قربى إلى الوطن، لم يفرق بينهم البيان العسكرى، مَن ذا الذى يفرق بينهم فى الشهادة؟
يا رب كما جمعت المسلمين والأقباط فى هذا الوطن على الحب، جمعت بين مينا وإبراهيم وعمر فى الشهادة، اجعلها بلدا آمنا.. وفى الأخير، ألا يستحى العاملون على شق الصف؟.. مصر لا تقبل القسمة أبداً على اثنين، مسلم ومسيحى، مصر لكل المصريين.. طوبى للشهداء.
نقلا عن المصري اليوم