بقلم : حمدي رزق
لم يرتكب المواطن المصرى موسى مصطفى موسى خطيئة وطنية عندما ترشح أمام السيسى فى الانتخابات الرئاسية حتى يُعاقب عليها على مدار الساعة بسخريات مريرة، والحط عليه فيسبوكياً وصحفياً وفضائياً، لا يستقيم هذا أخلاقياً ولا سياسياً.
«موسى» صار لوحة تنشين، كلٌّ يصوب عليه، وصارت الشجاعة كل الشجاعة أن تسخر من «موسى»، وكأنه ارتكب الحرام الوطنى، ملابسات ترشح «موسى» بعد انسحابات صادمة لنفر من المرشحين المحتملين، ولأسباب باتت معروفة، لا تخول أبداً السخرية من الرجل بهذا الشكل المهين، إهانات متعمدة وممنهجة سياسياً.
«موسى» يُعاقب على ذنب الترشح، صار الترشح ذنباً، أعلم أن «موسى» لم يكن المرشح المأمول لملاقاة السيسى فى الجولة الانتخابية المقبلة، ولربما تنقص مؤهلاته عما كان مطلوباً، وصادف ترشحه لغطاً، ولكن تقبيح الرجل والعمدية فى إهانته والحط من شأنه.. زيادة قوى.
يكفيه أن تقدم للترشح بعد أن خلت الساحة من مرشحين محتملين، وخشى مَن خشى من لوم أو تقبيح، ترشحه فى هذه الأجواء الطاردة شجاعة تُحسب له لا عليه، ترشح وهو يعلم أنه لا يملك فرصاً إطلاقاً، ولكنه ترشح وليس عليه من حرج، وطالما ترشح فلنحترم قراره الشخصى تماماً.
ارفضه يا سيدى مرشحاً ولكن لا تُهِنْه إنسانياً، هذا اختياره ولكم اختياراتكم، هذا قراره ولكم قراراتكم حتى بالمقاطعة، تمارس سيادتك حقاً مستحقاً بالامتناع عن الترشح وتدعو إلى مقاطعة الانتخابات وتصادر حق «موسى» فى الترشح، ما تطلبه لنفسك اطلبه لغيرك، احترم قرار «موسى» كما تطلب احترام قرارك، لكن تقاطع وتطلب المقاطعة وتستكثر على «موسى» الترشح والمشاركة.
«موسى» قَبِلَ الترشح ورغب فيه، ماذا يسيئك الله لا يسيئك، كل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه، كل مصرى حر فى قراره، أنت تراه مرشحاً برغبة فوقية لسد الفراغ الناشئ عن الانسحابات المتوالية وهو يرى أنه أهل لها، أعينوه على الترشح أو جنِّبوه سخرياتكم المريرة، انتهاك «موسى» بهذه الضراوة ليس من الأخلاق فى شىء.
كل مَن صحا من نومه معكر المزاج سياسياً يلطش فى «موسى»، يفكرك موسى فى حالة التلطيش بإسماعيل ياسين كمهدئ لثورة غضب عبدالسلام النابلسى فى فيلم «الفانوس السحرى»، كل ما يتعصب يبحث عن وجه إسماعيل ياسين، وشك وشك وشك، وهات يا تلطيش، و«إسماعيل»، أقصد «موسى»، يدير خديه الأيسر والأيمن معاً مادام هذا سيرسم المعارضين معارضين، ويمكّن الرافضين من تجسيد الرفض على وش إسماعيل ياسين، «موسى» مضطر يخلع ضروسه حتى ضرس العقل فقط ليتمكن النصاب توفيق الدقن من نَيْل مراد ابنة الدكتور استيفان روستى فى فيلم «المجانين فى نعيم».
مشفق جداً على «موسى» من حملة التلطيش السياسية، حتى وجوه محترمة أستأنس فيها الرشاد والكمال الإنسانى تخلت عن وقارها فقط لتسخر وتتمسخر على موسى، وهات يا تقطيع، حتى كونه مليونيراً من أسرة ثرية لم يجلب عليه إلا مزيداً من السخرية، والتفتيش فى أوراقه وشهاداته ومؤهلاته، وكأنه ارتكب جريمة بالترشح، «موسى» انتحر ترشحاً ولا تجوز عليه إلا الرحمة والترفق به قليلاً.
يكفيه الترشح، صار مرشحاً رئاسياً، ترشح اقبلوه أو ارفضوه ولكن لا تهينوه، «موسى» لم يرتكب فعلاً فاضحاً، ولم يعتدِ على حق أحد، ولم يمس عفاف أحد، ولم يصدر عنه لفظ جارح فى مواجهة الجوارح، ارحموه قليلاً أو انسوه تماماً.
نقلًا عن المصري اليوم القاهري