بقلم : حمدي رزق
تمنيت على الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، فتوى تحبيذ إخراج الزكاة فى صورة شهادة «أمان» باعتبارها تدخل فى نطاق مصارف الزكاة الشرعية، فاكتفى فضيلته بإقرار شرعيتها إسلاميا وحلال أرباحها، وننتظر من فضيلته استكمالا لفتواه ليضع الشهادة فى موضعها الصحيح من مصارف الزكاة الشرعية ونحن مقبلون على شهر رمضان، شهر البركات والزكوات.
فضيلة المفتى قطع قول المرجفين قائلا: لا مانعَ شرعًا من شراء «شهادة أمان المصريين»، وإن أرباح هذه الشهادات لا تُعَدُّ من قبيل الربا، لأنَّها ليست فوائد قروض، وإنما هى عبارةٌ عن أرباحٍ ناتجةٍ عن عقودٍ استثماريةٍ تحقق مصالح أطرافها.
وأضاف فضيلته: «لا مانع أيضًا من ارتباط الشهادة بوثيقة تأمينٍ جماعى»، مشيرًا إلى أن التأمين بكل أنواعه أصبح ضرورةً اجتماعيةً تُحتِّمها ظروف الحياة ويَصْعُبُ الاستغناء عنه لوجود كَمّ هائل من العُمَّال فى المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفى غير ذلك من الأعمال.
وأوضح المفتى أنه ليس المقصود من التأمين الربح أو الكسب غير المشروع، وإنما التكافل والتضامن والتعاون فى رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث، وليس التأمين ضريبةً تُحَصَّل بالقوة، وإنما هو تكاتفٌ وتعاونٌ على البر والإيثار المأمور بهما فى الإسلام. كما أنه يجوز شرعًا أخذ الجائزة على الشهادة لمن توافقه قرعة السحب.
ولفت مفتى الجمهورية، فى الفتوى التى تحمل رقم 4264، الصادرة فى 15 مارس، أن «شهادة أمان المصريين» هى نوعٌ من الأوراق المالية التى تصدر تحت إشراف البنك المركزى كوعاء ادخارى لحساب الأفراد الطبيعيين من العمالة الموسمية والمؤقتة واليومية والمرأة المُعِيلة وغيرهم من المواطنين، أى أن البنوك المشترِكة فى إصدارها تكون وسيطًا بين الأشخاص والدولة من أجل توفير نوع من الضمان والحماية لهؤلاء وأُسَرِهم من خلال جَنى العائد أو التأمين المترتب على الاشتراك فيها كما سيأتى بيانه.
أما عن رصد جوائز ماليةٍ بطريق القرعة بين مشترى الشهادة فأوضح مفتى الجمهورية أنها مبادرةٌ تشجيعيةٌ للأفراد على الاكتتاب فى مثل هذه الشهادات، وتتميز هذه الجوائز بأنها تُمنَحُ نتيجة سحبٍ ربع سنوى يدخل فيه أصحاب هذه الشهادات، مع استبعاد الفائزين من السحوبات المستقبلية، ويُقسم إجمالى تكلفة هذه الجوائز على جميع الأطراف المشاركة من البنوك وشركة مصر لتأمينات الحياة.
وأوضح أن هذه الصورة من التعامل داخلةٌ فى نطاق الوعد بجائزةٍ الذى أباحه بعض الفقهاء، والأصل فيها أن تكونَ هادفةً وتعود على المجتمع بالنفع العام وتحقق فيه الخير والنماء، وأن تكون بعيدةً عن القمار والميسر والمراهنة والتدليس والغرر أو الجهالة، وبشرط أن تكون الجائزةُ من أموال المنظمين لهذه المسابقة أو من أى جهةٍ تقدمها للفائزين، ولا يجوز باتفاق الفقهاء أن يكون مال الجائزة من جميع المتسابقين، بأن يدفع كلٌّ منهم القليلَ ليحصل بعضُهُم على الكثير الذى يشمل ما قام بدفعه هو وما دفعه غيره من المتسابقين، لأن ذلك من باب المراهنة والمقامرة والميسر الذى نهى عنه الإسلام فى قوله تعالى: «يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيسِرُ وَالْأَنصابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [المائدة: 90].
واختتم مفتى الجمهورية فتواه بأن «شهادة أمان المصريين» هى شهادةٌ ادخاريةٌ يقصد المشترى من شرائها الادّخارَ والانتفاعَ بما تقدمه من عائدٍ أو تأمين، وأن الجائزة التى تقدمها البنوك المشترِكة فى إصدار هذه الشهادة، ومعها شركة التأمين، بغرض التشجيع على الشراء، إنما هى من خالص أموالها ولا يتحمَّلها المشترى من قيمة الشهادة المدَّخرة، مؤكدًا أن كل ذلك جائزٌ شرعًا.
نقلاً عن المصري اليوم