رقم جد خطير، ويستأهل التوقف والتبين.. منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، بحسب تقرير المجتهد الدكتور «طارق الرفاعى»، مدير المنظومة، تلقت ورصدت ٩٥ ألف شكوى وطلب واستغاثة خلال الشهر الماضى.
توقُفًا أمام سيل الشكاوى المنهمر على المنظومة بمعدل ٣ آلاف و١٦٦ شكوى يوميًا، وهذا يستوجب توقفًا من راعى المنظومة رئيس الحكومة المهندس مصطفى مدبولى.
لافت حجم الثقة المجتمعية التي تحظى بها المنظومة الواعدة التي لم تتوانَ عن فحص ومراجعة هذا العدد الضخم، والعمل على حلحلة المشاكل وبنسب مقدرة. نجحت المنظومة في فحص ودراسة ومراجعة ٩٣ ألف شكوى وطلب خلال شهر مارس، حيث تم توجيه ٦٩ ألف شكوى لجهات الاختصاص، وحفظ ٢٤ ألف شكوى وفقًا لضوابط الفحص والمراجعة للشكاوى قبل توجيهها للجهات المختصة، وجارٍ استكمال فحص قرابة ألفى شكوى وطلب تمهيدًا لاتخاذ ما يلزم بشأنها.
نجاح المنظومة راجع بالأساس إلى جهد وصدقية واحترافية فريق العمل في التعاطى مع شكاوى الطيبين بمنهج وضمير ورغبة في الخدمة المجانية، خط الشكاوى الساخن بات ملاذًا للمظلومين والذين ضاقت بهم الحال فالتمسوا حلولًا، المنظومة تِبل ريق الناس، أَقلّه حد يسمعهم ويتواصل ويتفاعل معهم، وهذا من طيب الأعمال.
وعن تجربة حقيقية، لم تتأخر المنظومة يومًا، آناء الليل وأطراف النهار، عن شكوى مرسلة تخص «مواطن غلبان» غُلِّقت الأبواب في وجهه، ففتحها شباب المنظومة الراقية الذين يواصلون العمل على مدار الساعة على خط ساخن.
الأرقام المعلنة تؤشر بوضوح على ضعف استجابة الجهاز الإدارى للدولة لشكاوى المواطنين، فيلجأون مضطرين إلى الطريق البديل وهو (منظومة الشكاوى) لأنها الناجزة، وكلما تحسنت الاستجابة والتواصل والعمل على حل المشكلات في أماكنها، ريفًا أو حضرًا، ينقص محصول المنظومة.
زيادة حصاد المنظومة من جهة مؤشر جودة الخدمة، ولكنها عكسيًا تؤشر على سوء الخدمة في النهايات الطرفية حكوميًا في الوزارات والمحافظات وغيرها.
والسؤال: إذا كانت الاستجابة سريعة وفورية عبر المنظومة هكذا، فلماذا تتعطل استجابات الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات لشكاوى المواطنين (مباشرة)؟!.
وإذا كانت نسب الاستجابات جيدة هكذا من جانب الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات، جميعًا حققت نسب إنجاز عالية في التعامل مع الشكاوى الموجهة لها كمًا ونوعًا، فلماذا تضن هذه الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات نفسها عن الاستجابة مباشرة؟، لماذا الدوران حول رأس الرجاء (المنظومة)، والطريق سالكة وقصيرة بين المواطن والوزارة والمحافظة؟!.
أعرف أسبابًا، منها الجدية وسرعة الاستجابة والتواصل الساخن لدى المنظومة، بمجرد تلقى الشكوى يتم العمل عليها، والشكوى لا يمر عليها ٢٤ ساعة في المنظومة دون تذليل أسبابها وحلها أو توفير رد عليها مع اقتراح البدائل إذا تعذر الحل.
المنظومة إذن باتت تشكل «ديوان مظالم» معتبرًا، وتؤسس لنسق حكومى يعمد إلى التواصل الفعال مع المواطن، الذي كان يشكو ولا مستمع ولا مجيب حتى ضجَّ من الشكوى.
خلاصته: مهمة هذه المنظومة في عمق الدولاب الحكومى، رئة جديدة، مساحة للتنفس، والتنفيس عن الناس، نَفَس جديد بعد انغلاق أبواب الشكوى في وجه المواطنين.. إذا نجحت المنظومة في مهمتها نضمن علاقة حسنة وتواصلًا طيبًا واستجابات واقعية ورد فعل طيبًا، ما يجلب رضاء يُترجم إلى بعضٍ من السعادة، وسعادة المواطن التي هي أسمى أمانينا.