بقلم - حمدي رزق
قطع الإمام الأكبر الدكتور الطيب أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قول كل خطيب بالفتنة، والطائفية، وقال قول الإسلام الحنيف فى أهل الكتاب، محبة ورحمة وعدلًا، ومساواة فى الحقوق والواجبات.بعد قول الإمام الأكبر، أكرمه الله، وأشاع غبطة فى النفوس، فلتصمت منابر ومنصات الفتنة، وليكف العاملون عليها (أمثال برهامى وصبيه عبدالله كشرى وأذنابهم من السلفية المتسلفة)، وليتقوا الله فى دينهم الذى يأمر ببر أهل الكتاب والعدل معهم، وليترفقوا بوطنهم الذى يتسع لحرية العبادة وحرية المعتقد بلا مَنًّ وَلَا أَذًى، وليعتبروا لحكمة الإمام
وقبلها وبعدها ليعتذروا علانية لكل مصرى (مسلم أو مسيحى) عما بدر منهم عدوانًا بالفعل أو القول، أو بالإشارة تصريحًا أو تلميحًا، غمزًا ولمزًا، اتساقًا مع توجيه الآية الكريمة: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» (المائدة: ٨).
وبالحق وإحقاقًا للحق، وضع الإمام الأكبر النقاط فوق الحروف جميعًا، دحضًا للالتباسات التى شاعت جورًا وظلمًا، وتجليسًا للمقاصد العليا، وجلبًا للمصالح ودرءًا للمفاسد والشرور، وضعها جميعًا فى وثيقة تجسيد لفقه المواطنة فى دولة مدنية حديثة، فيها رائحة «وثيقة المدينة» العبقة بتعاليمها المدنية، مع الإحاطة بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال.
ما خطه فضيلته قربى إلى الله يستأهل توقفًا وتبينًا وتأملًا، ابتداء من قاعدة «لا يجوز للمسلم مسَّ التوراة والإنجيل دون طهارة» (نفس حكم مس المصحف الشريف)، وهذا جديد على الأسماع الموصدة، وانتهاء بـ«التضييق على غير المسلمين فى مأكلهم ومشربهم فى نهار رمضان بدعوى الصيام (سخف)، لا يليق ولا يمت للإسلام من قريب أو بعيد»
الإمام يحلق فى سماء السماحة، ويقطع بالقول، «لا محل ولا مجال أن يُطلق على أنهم (أهل ذمة).. فهم مواطنون متساوون فى الحقوق والواجبات.. و(المواطنة) تعبر عن روح الإسلام وفلسفته».
ويمد بساط التقوى، ويقول: «لا يوجد فى القرآن ولا فى السنة النبوية ما يُحرِّم بناء الكنائس.. وما يحدث من مضايقات عند بناء أى كنيسة هو ميراث عادات وتقاليد.. وبناء مسجد أمام كنيسة والعكس نوع من التضييق المنهى عنه، فضلًا عن أن الإسلام يساوى بين الدفاع عن المساجد والدفاع عن الكنائس ومعابد اليهود بالقدر نفسه».
وبعيدًا عن «حديث الشريعة»، يقف وقفة معتبرة سياسيًا بقوله: «حدثت اختراقات للمجتمع المصرى مسَّت المسلمين والمسيحيين.. ومن نتائج ذلك أن أصبح خطاب بعض المتشددين أسير مظهريات وشكليات فارغة من جوهر الإسلام الحقيقى».. فيها إشارة واللبيب من الإشارة يفهم!!.
هذا ما كان مرجوًا من فضيلته وطال انتظاره، وكما يقولون أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا، وخير ما فعل فضيلته أن حضر بثقله ليئد
فتنة لعن الله من أيقظها وعمل عليها، ولعلهم يفقهون قوله، ويكفون عن الأذى، أذى الآخر إنسانيًا، وأذى الإسلام دينًا، وأذى الأزهر شيخًا ومشيخة، ومنهجًا وسطيًا يقوم عليه ثقات مؤتمنون.