بقلم - محمد أمين
الخطاب السياسى الذى يتبناه الرئيس لا يخلو من الإحساس بأنه فى «ماراثون».. وهو بالفعل فى ماراثون حقيقى، لا ينافسه فيه إلا نفسه.. كأنه يريد ألا يُسدل عام 2018 الستار حتى يضع فى كشف حسابه مشروع 7100 صوبة زراعية بمواصفات عالمية، وكأنه يسابق الزمن.. الرئيس يجرى وهو يقول «إجروا معانا».. وهو لا يعرف متى يتوقف عن الجرى!
الجديد فى الأمر أن ما رأيناه، أمس، «زراعة محمية» موجودة على أرض صحراوية، تعتمد على مياه أقل، وبمساحات شاسعة جداً، وتوفر فرص عمل ضخمة، وتقدم غذاء نظيفاً من النوع «الأورجانيك» الذى تحدث عنه الرئيس.. فهو يريد أن يأكل المصريون الخضار بلا كيماويات، وبالتالى فهو يُجنِّبهم السرطانات، وهو أول شىء فى «منظومة بناء الإنسان»!
فلا تأثرنا بكلام عن تراجع حصتنا من النيل، ولا وضعنا أيدينا على خدودنا.. هذا وقت نبحث فيه عن البدائل ونوظف العلم ونستفيد من المراكز البحثية وبحوث الصحراء.. كان البعض يقول: هيزرع منين؟.. فين المَيّة؟.. الدلتا عطشانة، فكيف يزرع؟.. وعلى فكرة الدنيا مش هتقف.. ليس كل الناس عندهم النيل؟.. فلتكن عندنا أدوات «علمية» للإنتاج الزراعى!
«الآن نعمل للمستقبل» هذه هى الحكاية بالضبط.. سنعمل وننتج ونُجنِّب أولادنا أكل الخضار بمياه الصرف الصحى.. وسنُجنِّبهم الأكل بالكيماويات المسرطنة.. يقول السيسى: «فى السوبر ماركت الكبير بيقولوا ده أورجانيك، الناس تاكل أورجانيك والمصريين ما ياكلوش أورجانيك، لا إن شاء الله كله هيبقى كده، بس اجروا معانا».. فلا تتفرجوا فقط ولا تتريقوا!
فى يوم من الأيام «صرخنا» حين ارتفع سعر الطماطم والبطاطس.. قلنا إلا صينية البطاطس يا ريس!.. الآن عندنا زراعة محمية لا تتعلق بالعروة، وليست لها علاقة بفاصل العروات فى الأرض العادية.. سنحقق الاكتفاء الذاتى من الخضار.. ولن نتعرض للاستغلال مرة أخرى.. هكذا يحاول طرح البدائل وتضييق الحلقات لتحقيق الأمن الغذائى، ولا يهتم بأمن البلاد فقط!
فلم يجد الذين يجيدون التريقة والسخرية شيئاً يدعو للتريقة فسكتوا، كأن شيئاً لم يحدث.. فلم يجدوا مثلاً شتلات مزروعة بالخضار والطماطم كما حدث.. ذات يوم راح رئيس سابق يفتتح مشروعات زراعية، فاكتشف أنهم زرعوا الشتلات بالطماطم والخيار.. نحن الآن أمام عمل حقيقى «غير مسبوق».. ألا يستحق الرئيس كلمة شكراً؟.. ألا «يستحق» هذا أن نفرح؟!
باختصار، هذه ليست مزارع للجيش أبداً.. ولكنها مزارع لشعب مصر، تشرف عليها شركة وطنية تضبط الأداء وتحقق السرعة والانضباط.. يشرف عليها علماء وباحثون.. ويعمل فيها عشرات الآلاف من الشباب.. ولا مانع أن يكون هناك قائد خط الخيار، وقائد خط الطماطم والفلفل!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع