بقلم - محمد أمين
قبل أن يسافر الرئيس إلى أى مكان فإنه يجهز بعض الرسائل.. ويذاكر بالمعنى الحرفى للكلمة.. يعمل الـ«هوم وورك» كما نقول.. فعل ذلك حين سافر لأمريكا، وفعله أيضاً حين سافر لروسيا.. أرسل رسائل على قدر الزيارة.. الآن فى ألمانيا يتحدث عن التحديات فى الشرق والغرب.. كرر نفس الجملة عن التشخيص الخطأ والعلاج الخطأ لثورة 25 يناير!.
ومعناه أن الرئيس لم يقل ذلك عفو الخاطر فى الندوة التثقيفية الأخيرة.. كنت أراه يقرأ من ورقة معدة بجواره.. كررها فى ألمانيا، كما نقل لنا بسام راضى.. كانت الرسائل واضحة للغاية.. سجلت موقفه من الربيع العربى.. هو لا ينكر الثورة، لكنه ينكر التدخل الأجنبى.. وقال إن هناك مفاهيم خاطئة تم بثها عبر جهات خارج الوطن.. والثورات ليست حلاً!.
ناقش الرئيس تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط.. وتبادل وجهات النظر حول الربيع العربى والتحديات التى واجهت المنطقة منذ عام 2011 حتى الآن.. وقال إن تغيير الأنظمة ليس شرطاً أن يصلح أحوال الشعوب.. وقال إن هناك مشاكل متجذرة.. والحل فى بناء الوعى لمواجهة المشكلات المعاصرة.. وكأنه يلوم الغرب على موقفه من الربيع العربى!.
وأظن أن الرئيس راح يتكلم بعد «تجربة رئاسية كاملة»، وكأنه يقول «إسمعونى».. أنا عايشت حكم البلاد.. عرفت مشكلاتها السياسية والأمنية والاقتصادية، وأستطيع أن أقول لكم باطمئنان شديد إن الثورة لم تكن حلاً، هناك حلول أخرى.. فقد سبقتم إلى الديمقراطية وبناء وعى الإنسان.. اتركوا لنا الفرصة حتى نعيد بناء الإنسان وبناء الديمقراطية دون ضغوط!.
رسالة الرئيس «وصلت».. بناء الوعى أولاً.. بناء الإنسان يصب فى بناء الديمقراطية.. كل هذا يمهد لصياغة حلول واقعية وسليمة للتحديات التى تواجه شعوب المنطقة.. لم يقل الرئيس إن الثورة فعل عنيف هدم بلادنا.. لم يقل الرئيس إن العنف تم تصديره لكم ودفعتم الثمن.. لم يقل إنكم دفعتم ثمن الهجرة غير الشرعية.. لكنهم فهموا الرسائل، واستوعبوا «صراحته»!.
لم يستوعبوا رسائله فقط، وإنما أشادوا بأمرين.. الأول الهجرة غير الشرعية.. الثانى موقف مصر من الإرهاب.. قال رئيس مؤتمر ميونخ إن مصر نجحت فى المسألتين.. وقال رغم الظروف الصعبة التى عاشتها مصر بعد الثورة لم يكن هناك لاجئ واحد من ملايين اللاجئين، نظراً لقدرة مصر على ضبط حدودها وشواطئها، فضلاً عن الإصلاح الاقتصادى!.
فهمت الآن ما يقصده الرئيس بشأن العلاج الخطأ والتشخيص الخطأ.. هو لا ينقلب على الثورة، ولا يبرئ أحداً.. يريد أن يقول إن الأيدى الأجنبية دمرت اقتصادنا، وهى تغير نظام الحكم.. والسؤال: ماذا كنا نفعل؟.. لو خاض «مبارك» الانتخابات لبقى فى الحكم حتى الآن!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع