بقلم - محمد أمين
لا تفوتُك دلالة هذه البرقية أبداً.. من مصطفى مدبولى رئيس الوزراء إلى الرئيس السيسى: كل عام وأنتم بخير بمناسبة الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير.. بالأصالة عن نفسى وبالإنابة عن أعضاء هيئة الوزارة، يسعدنى أن أبعث إليكم بأسمى آيات التهانى وأصدق التمنيات. وضوح لا لبس فيه، وتأكيد لا يحتمل الشك، هكذا ترى الدولة أنها ثورة ومناسبة تاريخية!
فلم تقف البرقية الرسمية عند حدود التهنئة فقط، ولم تقف عند حدود أنها مناسبة تاريخية، ولكنها قالت «إن الثورة أكدت وعى وإرادة الشعب المصرى العظيم فى رسم خريطة مستقبل وطنه من أجل أن ينعم أبناؤه بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية».. وكأنها جاءت لتصحح وضعاً خطأ.. حيث تقول كل الفضائيات إنها مؤامرة، ويذكر كتاب السلطة أنها «فوضى»!
تخيلوا.. كيف تحول البعض من الكلام عن الثورة إلى الكلام عن الفوضى.. وتخيلوا أن البعض كان يقول «ثورتنا»، ثم مرت الأيام فأصبح يتحدث عن كونها مؤامرة إخوانية، وكأن الإخوان هم الذين قاموا بالثورة.. ثم يرى هؤلاء أن الثورة هى 30 يونيو، ولا توجد ثورة غيرها.. وأن 25 يناير هى 25 خساير، وأنها خربت مصر، وأعادتنا للوراء أكثر من 100 عام!
فماذا يقول هؤلاء عندما تذكر الدولة أنها «ثورة» فى الدستور، ومناسبة تاريخية فى البرقيات؟؟.. وماذا يقول هؤلاء «المتلونون» بينما يذكر رئيس الوزراء أنها أكدت وعى وإرادة الشعب العظيم فى رسم خريطة مستقبل وطنه؟.. هل يغلقون أفواههم؟.. هل يخرسون فلا يصفونها بأنها «مؤامرة».. ألم يكن بعضكم يفاخر بأنه كتب عنها وخرج فيها؟.. فما الذى جرى الآن مثلاً؟!
السؤال الأهم هو: هل كان يمكن أن تقوم ثورة 30 يونيو دون أن تمر على 25 يناير؟.. هل كان يمكن أن يخرج المشير والمستشار والإمام والبابا من قلب مصر، ليعيدوا للثورة مجدها، ولمصر هويتها ومكانتها؟.. أتحدث عن المشير عبدالفتاح السيسى، والمستشار عدلى منصور، والإمام أحمد الطيب، والبابا تواضروس.. فلا تُهيلوا التراب على «تاريخكم» وأنتم تنظرون!
تعلّموا من الخطاب السياسى وبرقيات التهانى أن الشعب العظيم كان يريد أن ينعم أبناؤه بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية.. فلا كان «يتآمر» ولا «يقبض» الدولارات.. هل رأيتم غباوة أكثر من هذا؟.. هل كان شعباً ممولاً وعميلاً؟.. هل يصح أن نترك الثورة للإخوان، لأنهم يتوهمون أنهم أصحابها؟.. من قال هذا الإفك؟.. كيف يختلقون «أكذوبة كبرى» ونحن نصدق؟!
وإذا كانت هذه هى الخطابات الرسمية المتبادلة بين الحكومة والرئيس، فلابد أن يتم علاج «المطبلاتية» فى مستشفيات الأمراض العقلية، أو إيداعهم مستشفى العباسية.. وللأسف، فإن الدولة أكثر انفتاحاً من إعلامييها.. ومن عجبٍ أن يقول الرئيس شيئاً ويقول الإعلاميون شيئاً آخر!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع