بقلم - محمد أمين
غادر الرئيس الفرنسى ماكرون والسيدة قرينته مصر، وترك جرحاً غائراً وبعض الأسئلة الصعبة.. وأظن أننا لم نستعد للزيارة إلا فى إطار البروتوكول فقط.. ولو أن الدولة المصرية استعدت للقاء بأسئلة افتراضية أجابت عنها، لما أصاب الهلع بعض وسائل الإعلام من أسئلة الوفد المرافق للرئيس ماكرون.. مهم أن نستقبل الرؤساء بترتيبات «مسبقة» لا بحُسن نية!
ومن المؤكد أن وزارة الخارجية تعلم أن النية مبيتة لأسئلة من هذا النوع، ومن المؤكد أن السفير المصرى فى باريس يتابع ما يذاع وينشر.. فماذا فعلت الخارجية؟ وماذا فعل السفير؟.. كان من المهم تجهيز بعض الأسئلة، ونقل ما يدور فى الشارع الفرنسى والصحافة الفرنسية عنا.. وفى هذه الحالة فقط يمكن أن تستعد الأجهزة بالأسئلة، ويستعد الرئيس بالإجابات!
ولستُ مع الشعور بالصدمة تجاه «أسئلة ماكرون»، ولست مع مقابلة هذه الأسئلة بالهلع والرد الغاضب.. فقد لاحظتُ أن البعض «شتم» ماكرون، ولاحظت أن آخرين جددوا الثقة فى الرئيس.. باختصار، لا الرجل يريد الإساءة للرئيس ولا لمصر، فقد غرّد فى اليوم التالى داعماً لنا.. فمن الجائز أنه جاء يحمل «نصيحة»، وكان علينا أن نقابل «النصيحة» بقبول حسن!
فلم يسأل بعضُنا نفسه كيف أن الرئيس الفرنسى جاء «يتفسح» ويزور معبد أبوسمبل وكاتدرائية العاصمة، مع أن بلاده تشتعل بمظاهرات «السترات الصفراء».. ولو كان أى رئيس آخر، ربما كان يقطع الزيارة لو قامت فى بلده مظاهرات.. والمفاجأة أن ماكرون جاء للسياحة، بينما المظاهرات هناك.. وقال: إنهم «أصحاب حقوق» وهو يؤيد مطالبهم المشروعة ويبحث حلها!
فالمظاهرات هناك لا تغضب «ماكرون».. التخريب هو الذى يغضبه، وهو الذى تواجهه الشرطة دون تعليمات.. يعنى أى قتيل فرنسى لن يُسأل عنه ماكرون، لأن الشرطة هى التى تعاملت معه طبقاً لواجباتها.. أما الرئيس فلا يملك أن يقول اضرب أو لا تضرب.. ثم هناك محاكمات عادلة.. هذا هو ما قاله «ماكرون» بهدوء شديد، دون أى انفعال، وربما خرج ليبحث عن الحل!
وعلى فكرة، لم يتغير موقف فرنسا مما جرى على أرض مصر.. فلم تكن تؤيدها سابقاً ولا تعارضها الآن.. ولا يعنى ذلك أن العلاقة بين الرئيس السيسى وماكرون قد توترت.. ولا ماكرون يملك بقاء الرئيس من عدمه.. نحن الشعب الذى انتخب الرئيس بأغلبية كاسحة، لم يسمع عنها ماكرون ولا ترامب ولا تيريزا ماى.. نحن الشعب الذى «يؤيد» رئيسه أو لا يؤيده!
وأخيراً، قدم الرئيس مفهوما جديدا لحقوق الإنسان.. ولكنهم يرون أنها «خدمات مستحقة».. هذه فروق ثقافية.. وبالتأكيد أصدر الرئيس قرارات بالإفراج عن السجناء، وخرج آلاف المساجين والغارمين.. كان مهماً الإشارة لذلك.. ومهماً أن نعرف أن «الاستثمار» مرتبط بالحرية والديمقراطية أيضاً!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع