بقلم : محمد أمين
يبدو أننا صدّرنا فكرة «كارتونة رمضان» إلى العالم.. ففى كندا وقف رئيس الوزراء، جاستن ترودو، يساعد فى تجهيز كراتين رمضان للمسلمين على أرض كندا.. جزء من شخصية الرجل أنه كريم محب للعمل الخيرى.. وكثيراً ما جمع التبرعات لعلاج الأطفال.. فهل نستورد أيضاً هذه الروح منه.. هل لدينا وزراء تبرعوا بوجبة إفطار، كما فعل وزير كندى، وراح يفطر مع الفقراء؟!.
فالحياة تعتمد على استيراد وتصدير الأفكار أيضاً.. ولا تقتصر فقط على السلع والمنتجات.. جاستن ترودو رئيس وزراء شاب، وهو بالمناسبة ابن رئيس وزراء أيضاً.. كان أبوه رئيس وزراء كندا عام 80 من القرن الماضى.. وهو «اشتراكى الهوى»، وقد فرض الضرائب على الأغنياء ليساعد الفقراء.. لو كان عندنا ربما وجد «مقاومة كبرى» وقالوا إنه يحب «الشو الإعلامى»!.
والسؤال الآن: أين يفطر الوزراء فى مصر؟.. الإجابة ليست سهلة.. فالبعض قد يفطر مع عائلته فى اليوم الأول ثم ينطلق إلى آخر الشهر.. وقد يكون جدوله مزدحماً بالعزومات والإفطارات اليومية.. فهناك مَن يعتبرها سياسة أو مجاملة.. وهناك مَن يرى أنه لابد أن يكون موجوداً فى المشهد ليحجز له مكاناً دائماً فيما بعد، لكن أحداً لم يتبرع بوجبة إفطاره ليفطر مع «الغلابة»!.
وأتصور أن الفنادق لا ينبغى أن تكون المكان المفضل لتناول الإفطار.. وكنت أتخيل أن تكون برامج الوزراء مُعَدة سلفاً.. كل يوم فى منطقة شعبية معينة.. المحافظون أيضاً ينبغى أن يكونوا كل يوم فى قرية من قرى المحافظة.. ويا سلام لو حدث هذا التصرف، سيكون هناك شعور عام بأنها حكومة شعبية كسرت الحواجز، والوزير فيها أو المحافظ مجرد «مواطن بدرجة وزير»!.
فهل فعل أى من الوزراء والمحافظين عندنا مثلما فعل رئيس وزراء كندا؟.. بالتأكيد لا أتحدث عن وزراء المجموعة السيادية، ولكن أين وزراء المجموعة الاقتصادية؟ وأين وزراء المجموعة الخدمية، تحديداً «التضامن» و«التموين» المعنيتان بالشؤون الاجتماعية وغيرها؟.. هل فى خطة هؤلاء الوزراء التحرك الشعبى فى رمضان؟.. هل فى خطتهم المشاركة كنوع من التكافل؟!.
الفكرة أننا نبحث طوال الوقت عن قدوة.. ونحاول إرساء قيم نبيلة يقتدى بها الجيل الجديد من الشباب.. والمثير أنها تأتى من الغرب.. وخذ عندك مثلاً لو فكر كل منا أن يتبرع بإفطار يوم، وقدّره بأى مبلغ، ثم أكل أى شىء.. وتخيل أيضاً لو «حمل إفطاره» وراح يأكل مع أى عائلة بسيطة.. كأنه يدعو العائلة إلى الإفطار معه.. تخيلوا كيف يشعر الصائمون بالبهجة والفرح؟!.
ولا أخص الوزراء والمحافظين فقط بهذه الدعوة طبعاً.. ولكن: أين الفنانون والرياضيون ونجوم المجتمع؟.. أين هؤلاء من قضايا الوطن بشكل عام، والتكافل الاجتماعى بشكل خاص؟.. فليس شرطاً أن نفطر فى الفنادق.. قعدة عائلية تكفى.. إنها فرصة لكى يحس الوزراء بمتاعب الناس الغلابة!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع