بقلم - محمد أمين
عندى سؤال يبحث عن إجابة: هل قامت أى جهة رقابية بحصر الإنفاق الذى تم ضخه فى سوق الإعلام خلال السنوات الماضية؟.. كم مليار جنيه تم صرفها؟.. فربما لا يكون الرقم وحده مهماً.. السؤال الأهم: ما العائد من هذا الإنفاق الرهيب؟.. وما هو مردود الرسالة الإعلامية؟.. هل اقتنع الرأى العام بها؟.. ولماذا لا يُعدُّ السيسى محظوظاً بإعلامه مثل عبدالناصر؟!
هناك أموال كثيرة تم ضخها فى سوق الإعلام، لا نعرف أين ذهبت بالضبط؟.. على الأقل بحسابات العائد منها.. بغض النظر طبعاً عن مصدر الأموال.. وبغض النظر أيضاً عن السؤال: أين ذهبت؟.. كيف تواجه الدولة كل هذه الشائعات وليس لدينا إعلام؟.. فأبسط رد على وجود هذا الطوفان من الشائعات أنه ليس لدينا إعلام.. ومصر ليس فيها «إعلام بمعنى الكلمة»!
وكنت أتصور أن تتكئ الدولة على «عكازين» فى مسارها للديمقراطية.. الأول: حركة حزبية نشيطة، تتفاعل مع المجتمع ونظام الحكم، وتُحدث حراكاً مدنياً، يقلل من حدة الصورة الموجودة حالياً.. الثانى: حركة إعلامية وصحفية وطنية، تكون منبراً مهماً فى غياب دور مؤثر للبرلمان.. ولكن ما حدث أن الأحزاب ماتت إكلينيكياً.. والإعلام فى «طريق الموت» للأسف أيضاً!
فحين تحدثت أمس عن «الجناة»، لم أكن أعرفهم قطعاً.. ولكن عندما نكون إزاء حالة وفاة فلابد أن يكون هناك جُناة.. فالإعلام قبل 25 يناير وبعدها كان قوياً عفياً.. وكان حاضراً بقوة فى ثورة 30 يونيو.. الآن سقطت العروش فجأة.. فمن ضرب أساس هذه الصناعة الكبيرة حتى سقطت؟.. وكيف سقطت دفعة واحدة؟.. من وراء العبث فى هذه الصناعة، وما الهدف؟!
والآن من المهم أن ندرس ملف الإعلام بروح مهنية ووطنية، تُعلى المصلحة العليا أولاً.. ونضع النقاط فوق الحروف، ونحدد طبيعة الرسالة، ونحدد فى الوقت نفسه طبيعة القائم بالاتصال.. هل يكفى أن يكون من أهل الثقة فقط؟.. أمامنا تجربة صنعتها الدولة من الألف إلى الياء، ودفعت فيها المليارات.. ولكنها ذهبت هباء.. واشترت فضائيات أخرى ولكنها ماتت للأسف؟!
الأموال لا تصنع مذيعا ولا مذيعة.. والمهنة تعتمد على تراكم الخبرات أصلاً.. والإحلال والتجديد لا يصلح فى مجال الإعلام.. وكان بعض الاشتراكيين الثوريين يريدون هدم مصر لبناء «واحدة جديدة».. قلنا يومها: مصر ليست دولة من الصفر.. مصر بلد الحضارات لا تُهدم ثم تُبنى.. الإعلام أيضاً لا يمكن هدمه من الصفر وإعادة بنائه من جديد، فالخبرات أهم من الأموال قطعاً!.
فاللعب فى «سوق الإعلام» ضار جداً بصحة الوطن.. عشنا عصر سقوط دولة الفن.. وحالياً نعيش سقوط دولة الإعلام، والاستحواذ على القنوات وبيعها، ونلعب بالهواة.. من يحفظ لمصر قوتها الناعمة من الفوضى؟.. وباختصار، الإعلام أيضاً ليس «دولة من الصفر»!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع