بقلم : محمد أمين
لا حديث لنا، طوال الساعات الماضية، إلا عن قدرة مصر وإرادة المصريين.. حالة إبهار حقيقية بتنظيم البطولة.. فاتتنى فرصة حضور مباراة الافتتاح، أرجو أن نحضر النهائى وفيه مصر.. غالباً لا أحب الزحام، وكنت أتخوف من مشاهدة المباريات فى الاستاد.. لكن يبدو أن مصر تغيرت.. هناك إحساس كبير بهويتك.. وهذه فرصة ليصبح الانضباط «ثقافة وطنية»!
بناء الإنسان أهم شىء قد يقدمه الرئيس لمصر خلال وجوده فى قصر الاتحادية.. التعليم والصحة والثقافة والانضباط.. الشوارع رائعة.. رجال المرور فى كل مكان.. لا توجد مشكلة فى أى حركة مرورية.. معناه أن مصر تستطيع فعلاً.. المرور يمكن أن يكون ثقافة.. احترام الإشارة يمكن أن يكون ثقافة.. نظافة الشارع أيضاً.. هل هو قرار «سيادى» أم إرادة شعب؟!
إذاً نحن أمام فرصة ذهبية لنعيد تقديم صورة مصر للعالم.. أمام فرصة لتحويل ما جرى فى شهور لإقامة البطولة الأممية إلى ثقافة وطنية.. عيب جداً أن نكون أول دولة فى العالم من حيث عدد الحوادث.. أسوا دولة كما تؤكد التقارير الدولية.. شىء مرعب للغاية.. ضحايا الأسفلت أكثر من ضحايا الحروب.. هكذا قال صديقى الكاتب الأستاذ محمد السيد صالح فى مقال أمس!.
وبالمصادفة يطالبنى الأستاذ كمال عثمان المحامى الكبير أن أشد على يد وزارة الداخلية لتطبيق قانون المرور تطبيقاً صارماً فى الشارع.. كأنه يفكر معنا فى الاتجاه نفسه.. يحزنه ما آلت إليه شوارع مصر.. فقد رأى مصر فى أزمنة سابقة حين كانت رائعة.. تُغسل بالماء والصابون.. كانت هناك أرصفة للمشاة.. كان هناك احترام لرجل المرور.. فماذا حدث لمصر الآن؟!.
ويقول الأستاذ كمال: «اسمح لى أن أكرر طلبى بأن (تتبنى) حملة لتحفيز وزارة الداخلية نحو تطبيق قانون المرور تطبيقاً صارماً لضبط الشارع المنفلت مروريا بشكل كامل، رغم قدرة وزارة الداخلية على ضبطه إن أرادت كما رأينا.. والجدير بالتنويه أن الكاتبة المحترمة أمينة خيرى قد طالبت بهذا المطلب مرات عديدة دون مجيب، ويبدو أنها يئست فتوقفت عن الكتابة فيه»!.
ويضيف أن «الأستاذ محمد السيد صالح قد أشار إلى ضحايا نزيف الأسفلت فى جريدتكم المحترمة.. وأرجو أن تؤازره فى هذه (الحملة النبيلة)، حتى يكون لها أثر إيجابى عند صانع القرار، بإذن الله.. خاصة أن الأرقام مخيفة ومفزعة جداً».. وأشكر الأستاذ كمال عثمان بالطبع على اهتمامه الكبير بقضية المرور.. فهى بصراحة «المرآة العاكسة» لثقافة أى شعب وحضارته!.
وبعد، فهذه فرصة ليكون تنظيم كأس الأمم مناسبة لعودة انضباط الشارع، وفتح الاستاد للجمهور.. فالجماهير هى أحد أضلاع كرة القدم.. وأثق تماماً فى قدرة مصر على أن تقدم نفسها للعالم من جديد.. كما أثق أنها ستودع زمن الفوضى بإرادة شعبية.. فالانضباط ثقافة، والفوضى ثقافة أيضاً!.