بقلم : محمد أمين
مات مرسى واندفن فى ست ساعات.. وانتهى الأمر.. فلا تسألنى ماذا حدث؟.. ولا كيف حدث؟.. ليست هناك أدنى شبهة جنائية أو غيرها.. فقد وقعت الواقعة كلها على الهواء مباشرة.. أمام دولة الإرشاد كلها.. أمام المحكمة كلها.. أمام أهل مرسى ومحاميه.. فليس من مصلحة أحد أن يقتل مرسى، كما ادعوا.. ولا أذيع سراً أن الدولة هى التى كانت «تحمى» مرسى!.
صحيح، فإن الدولة هى التى كانت تحميه، وتشدد عليه الحراسة.. تخشى عليه من هذه النهاية، وتخشى أن يتخلص منه الإخوان، لأنه مجرد «ورقة» سقطت.. كل إخوانى عند الجماعة ورقة، إن انتهت تخلصوا منها مثل ورق الكلينكس.. كانت الدولة تعرف أن الجماعة تريد إحراج النظام.. لكنه حين مات لم يستأذن أحداً.. سقط فى المحكمة، وليس فى «الزنزانة»!.
وبالفعل كانت مفاجأة لم يعمل لها أحد حساباً.. الرئيس فى جولة أوروبية.. ولو كنا نفرح بموته فليس هذا هو وقت الوفاة.. وقت تستعد فيه البلاد لكاس الأمم.. القصة أن الدولة كانت مطمئنة.. تعرف أنه يأكل ويشرب بقوة ألف حصان.. ولأول وهلة قلت هذا هو السبب.. فلما سقط مغشياً عليه تم اتخاذ الإجراءات وتقرر دفنه فى مقابر الوفاء والأمل، وإكرام الميت دفنه!.
عندنا أجهزة تتحرك.. فلم تترك الأمر للظروف.. الموت كان فجأة وهذا صحيح.. والإجراءات تمت بوضوح وشفافية.. النائب العام طلب تفريغ الكاميرات فى المحكمة والقفص.. الفريق الطبى عاين الجثة.. أبناء المتوفى كانوا حاضرين.. ومحامى المتهم كان حاضراً.. كل شىء تم كما قال الكتاب.. فلم يتردد أحد.. دفنوه فى محل إقامته، وليس فى مسقط رأسه!.
ليس هناك فرق بين مسقط رأس الميت ومحل إقامته أبداً.. هذا مدفن وهذا مدفن.. مادام الأمر كان طبيعياً، ومادامت الجماعة كانوا شهوداً على الوفاة.. القصة فى تصدير المظلومية.. القصة فى التجارة بالموت كما تاجروا بالدين.. الذين يعرفون الإخوان يعرفون أن مرسى مات.. الذين لا يعرفونهم تأثروا بالدعاية السوداء.. «تعاطفوا» مع الموت، وقالوا إنه «شهيد»!.
وأراد الله أن يفسد على الجماعة فكرة المؤامرة.. أراد الله أن يكذبهم على الملأ.. فكيف لو مات فى الزنزانة؟.. هنا كانت سوف تنسج الحكايات.. وسوف تكتب الروايات.. وسوف تثور الأكاذيب وتثور الشائعات.. سوف يصدقها بعض المضللين والمخبولين.. مع أن تقرير النائب العام كان شافياً.. ومع أن القضية كلها كانت فى حيازة القضاء.. ولا دخل لأحد فيها بالمرة!.
ولا أنسى حين نبهت بعد 30 يونيو إلى احتمالات اختطاف مرسى.. كان السيناريو الآخر تفجير الطائرة التى تقله من برج العرب إلى الأكاديمية.. كانت فكرتى أن مرسى لا يهم الإخوان.. فقط يهم الدولة كمتهم بدرجة رئيس.. وظل لا يهم الإخوان حتى مات، وهنا ظهرت أهمية استغلاله فى المعركة!.