بقلم : محمد أمين
افرحوا بالأشياء الصغيرة.. ولا تنشغلوا بما فى أيدى الناس.. أحاول اليوم استكمال ما كتبته أمس.. تذكروا ماضيكم بحب.. فلولا «المتاعب» التى عشناها، ما شعرنا بحلاوة ما نحن فيه الآن.. وإياكم والمنظرة.. فلماذا تشترون أشياء لا تحتاجونها بأموال لا تملكونها لإرضاء أناس لا قيمة لهم فى حياتكم؟.. هذه دعوة لكى «تفخر» بماضيك، ولا تهيل عليه التراب!.
لاحظت أن مقالى أمس لقى استحسانًا كبيرًا.. وتلقيت تعليقات من جمهور عريض.. من وزراء ومحافظين وهيئات سيادية وأطباء كبار وزملاء أيضًا.. هؤلاء وهؤلاء يريدون العودة للجذور.. أسعدهم أننى ذكّرتهم بعبق الماضى وذكريات الزمن الجميل.. بعضهم قال «ع الأصل دور».. بعضهم شاركنى ذكريات النشأة والميلاد.. كأنهم وجدوا ضالتهم فيما كتبت!.
وبصراحة، فالمظاهر الكاذبة أصبحت تزعج كل الناس بالفعل.. حدثتنى صديقة عن الحياة فى الساحل الشمالى وضوابط الإقامة ودخول المطاعم، والحد الأدنى للدخول.. البعض يمتنع ترفعًا، والآخرون يمتنعون «قُصر ديل».. فلا أحد لديه الشجاعة ليتذكر أيام زمان.. كان أحسن صالون هو «المصطبة».. وكان الصالون مفتوحًا لعابرى السبيل دائمًا، وكانت الضيافة كوب شاى!.
فالذين يركبون السيارات الفارهة اليوم، نسوا أو تناسوا ركوب الحمير.. يحاولون أن يدفنوا الماضى فى قبور أسمنتية، حتى لا يطل برأسه مرة أخرى.. لا مانع أن تشعر بنعمة ربنا.. فالله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.. ولكن لا تنكدوا على جيرانكم.. ولا تنكدوا على أصدقائكم.. منهم من لا يملك أن يشترى ساندويتش هامبورجر.. فلا «تتفشخروا» بما تأكلون!.
فإذا وجدت أن زوجتك لا تسألك: من أين لك هذا؟، فاعلم أنك لا تهمها.. المهم أنها تعيش وتشترى الأشياء الثمينة.. ذكّرها بأشيائك الصغيرة.. ذكّرها كيف بدأت من الصفر.. أنت من سيدفع الثمن.. عيشوا بدخولكم البسيطة.. عيشوا بمرتباتكم فقط.. «لا تقترضوا».. اتركوا شيئًا للزمن.. مهما كانت دخولكم محدودة.. السعادة ليست فى المال، فالسعادة لا تشترى أبدًا!.
فلا تمش وراء الناس إطلاقًا.. لا تقلد غيرك فى المأكل والمشرب والمسكن.. ربنا وزّع الرزق بطريقة أفضل.. أعطاك الصحة وتأكل الزلط.. وأعطى غيرك المال ويدفع للطبيب حتى يأكل أو يخس.. احمدوا ربنا على كل حال.. حياتكم البسيطة أكثر سعادة.. فاجعلوا بيوتكم مصدرًا للسعادة.. الشباب لم يعد يعرف كيف يتزوج للأسف، كلما فكر فى تكاليف الزواج تراجع!.
باختصار، لا تهلكوا بعضكم بعضًا بالمنظرة.. القيمة الحقيقية فيما تتركونه للناس.. فلتكن لديكم الشجاعة لتذكُّر الأشياء الصغيرة.. أعرف صديقًا كان يحتفظ بسيارته الـ27 على باب بيته، حتى يتذكر نعمة الله عليه.. لم يبعها بأى ثمن أبدًا.. انشروا «الأمل» فى حياة البسطاء.. فالسعادة ليست سيارة وفيلا وشاليه!.