بقلم : محمد أمين
فى كل مرة كنتُ أتكلم عن مشكلات الإعلام والمذيعات اللاتى يجلسن فى البيوت، كان يقفز إلى ذهنى فورًا اسم الإعلامية الرائعة منى سلمان.. مع أن «منى» لا تعتبر أن لديها مشكلة.. إذا منعوها من الشاشة، ذهبت تدرس الإعلام لطلاب الجامعات، وإذا توقفت راحت تقدم حلقات خاصة على «يوتيوب».. آخرها ذكريات ومذكرات الإعلامى الأستاذ السيد الغضبان!.
وهى فى كل ما تفعل، تريد أن تقول إنها وُلدت إعلامية، وستبقى إعلامية، ولن تفعل شيئًا غير مهنة الإعلام.. فقد اشتغلت فى الجزيرة وماسبيرو.. واشتغلت فى بى بى سى ودريم وغيرهما.. وهى تظل تعمل مادام ذلك يتفق مع قناعاتها الوطنية والمهنية.. إنها «بنت الغلابة» كما قالت عن نفسها.. وربما كانت هذه هى مشكلة مَن يعمل فى المجال بلا ظهر ولا سند ولا جاه!.
هكذا كانت «منى» لها «طَلّة» ومازالت بالطبع.. وهى إعلامية بمواصفات مصرية.. لا تشعر أنها تتعالى على جمهورها أبدًا.. إنما تحس أنها تتسلل إلى داخلك بنعومة ووقار واحترام.. وحين ضاقت بها الدنيا الآن، راحت تقدم حلقات عن «ذكريات الغضبان» فى الإذاعة، و«الغضبان» واحد من جيل الكبار والرواد، ومازالت ذاكرته حديدية، ويتذكر الأشياء «كأنها» تحدث الآن!.
وما يهمنى هنا هو غياب الإعلامية نفسها.. أما «الغضبان» فسوف تجدون ما قاله بين أيديكم.. يبقى السؤال: لماذا نترك أمثال منى سلمان، لتبدأ من الصفر؟.. ولماذا لا نستفيد منها، مع أن مواقفها الوطنية لا تحتاج إلى أى إثبات؟.. وحين تحدثت إلى مسؤول رفيع عن غياب المذيعات «المحترفات» كانت هى واحدة من بينهن، إن لم تكن الأولى، بينما هناك مَن لا يصلحون أصلًا!.
فهل نحن لا نفضل المذيعة المثقفة المتمكنة؟.. وهل نريد المذيعة «البلهاء»، ذلك أفضل جدًا؟.. للأسف نحن نخسر كوادرنا المُدرَّبة، كما نخسر «كنوزنا الإعلامية».. وحين ترى منى سلمان فى حلقات «الغضبان» سوف تشعر بالغبن طبعًا، فهذه مذيعة تعمل بإمكانيات فقيرة للغاية.. تأملوا كيف تتحدث وكيف تحتشد للقاء ضيفها.. لكنها تؤمن بأن كل التفاصيل «مسؤوليتها» فى النهاية!.
فلقد بدت منى سلمان فى أولى حلقاتها مذيعة تحترم المشاهد.. تسأل وتحاور وتوجه الاتهامات أحيانًا.. فقد استعدت بأسئلة مكتوبة.. مما يدل على أنها ذاكرت موضوعها.. ولكل هذا أطالبها بأن تستمر.. أولًا: لأن جمهورها مازال يبحث عنها، خاصة أنها تركت فراغًا كبيرًا.. ثانيًا: لأنها لا تقدم كلامًا تافهًا والسلام.. إنما تناقش قضايا حيوية مازال لها بريقها حتى الآن!.
وباختصار، مازلت أراهن أن يعود جيل منى سلمان إلى الشاشة، فى إطار رغبة حقيقية لتطوير وتحديث الإعلام.. ومازلت أراهن بقوة على مَن يديرون الملف المهم.. فالإعلام هو «جيش مصر الثانى».. وهو سلاحها القوى حين تحتاج إلى سلاح بتّار.. فلا يصح أن نواجه «معاركنا الكبرى» بأسلحة فاسدة!.