بقلم : محمد أمين
لا أحد يختلف على قرار رفع أسعار الصحف القومية، ربما يكون الاختلاف على طبيعة المحتوى فى ظل زيادة السعر.. وقد تابعت حالة من الغضب تصل إلى حد النحيب على مواقع التواصل، أطرافها صحفيون بالطبع.. فهناك حالة من الهلع، سببها أن القرار قد يكون آخر مسمار فى «نعش الصحف».. وقد وصفه أحد الزملاء بأن الصحف سوف تدخل منطقة الثقب الأسود!.
فزيادة السعر وحدها ليست حلًا، وكان أولى بالهيئة الوطنية أن تضع حزمة إجراءات على مدى عامين ثم تنتهى برفع السعر، بالإضافة إلى ترشيد النفقات والسفريات والبدلات والسيارات.. وهذه رؤية قدمها الزميل سامح محروس عبر صفحته الرسمية.. أوافقه فى كثير منها.. وللعلم فقد كان سامح عضوًا بالمجلس الأعلى للصحافة ولديه «رؤية جادة» فى هذا الشأن!.
ويقول سامح: 1- إن الصحف القومية تشهد تدنيًّا غير مسبوق فى أرقام توزيعها، فقد وصلنا إلى أرقام مضحكة (بضعة آلاف فى الصحف اليومية، وبضع مئات فى المجلات الأسبوعية) وهى تباع بأسعارها الحالية، ولنا أن نتصور ماذا سيحدث بعد رفع أسعارها فى الأول من يوليو؟.
2- يرتبط بما سبق، أن رفع السعر فى ظل المنتج الصحفى الحالى وعدم تطويره سيؤدى إلى مزيد من عزوف القراء عنه، خاصة أن الإصدارات الرئيسية للمؤسسات الصحفية لم يعد لها أى تأثير فى تشكيل الرأى العام حاليًا.
3- إن المؤسسات الصحفية تشهد ترهلًا إداريًا غير مسبوق، ولا تدار بأى معيار من معايير الإدارة الحديثة، فضلًا عن حالة ضبابية شديدة فى علاقات العمل، وأخطاء كارثية تكلف خزانتها خسائر مادية رهيبة، ولا يؤدى قرار رفع أسعار الصحف إلى أى أثر مادى ملموس فى هذا الواقع العشوائى.
4- من الأولى أن يتم ضبط النفقات داخل المؤسسات التى تشهد إهدارًا غير مسبوق لمواردها، وجرأة غير مسبوقة على المال العام، منها زيادة مخصصات قيادات الصحف وحصول بعضهم على بدلات تقدر بالملايين، فضلًا عن اتخاذ قرارات غير رشيدة أهدرت على المؤسسات مبالغ طائلة.
5- من الأولى إعادة النظر فى عدد الصفحات أولًا، فليس من المعقول أن تصدر صحيفة يومية صباحية تحقق خسائر فادحة فى 20 صفحة وأحيانا فى 24 صفحة، والمحتوى الصحفى الذى تقدمه إما منقول من الإنترنت، أو دون المستوى، ولا يخاطب أى اهتمامات لدى القارئ.
6- وضع ضوابط للمساحات التى «يستحوذ» عليها رؤساء التحرير، فليس من المنطق أن يستولى أى رئيس تحرير على صفحة يوميًا فى كتابة مقال خالٍ من أى محتوى فكرى، مع أن ما ستحصل عليه الصحف نتيجة الزيادة المقررة يمكن تدبيره بإعلان واحد يحل مشكلة الصحيفة كلها!.
وأخيرًا، فقد وضع «سامح» النقاط فوق الحروف، ويبقى أن يكون هناك قرار للحفاظ على صناعة الصحافة، تحريريًا وإداريًا وهيكليًا، والسؤال: لماذا تركوا الأمر يتفاقم، «رغم أن كل البيانات والأرقام تؤكد أن السكوت على هذا الوضع يعد جريمة ترقى إلى مستوى خيانة الأمانة؟!».