بقلم : محمد أمين
الإعلام من المهن التي لا تنقرض، ولا يمكن أن تنقرض.. لأنه مهنة إنسانية مرتبطة بالبشر أولًا.. ومن الجائز أن تتغير الوسائل والأدوات.. لكن يبقى الإعلام بكل أشكاله.. المقروء والمسموع والمرئى.. معناه أننا لن نغلق المحل بالضبة والمفتاح، وإنما ينبغى أن يتحول «الدكان القديم» إلى سوبر ماركت عصرى.. هذه هي الحكاية، فلا «ينزعج» طلاب الإعلام أبدًا!. وبالتالى فلست مع حالة الهلع التي انتابت الإعلاميين بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة.. بعضهم دعا الطلاب الأوائل ألا يتقدموا لكلية الإعلام.. بعضهم نصحهم من قلبه.. وبعضهم كان يسخر مما جرى للزملاء في مجال الإعلام.. هذه الدعوات كانت كفيلة بإغلاق كليات الإعلام، كما جرى في سنوات مضت، وتم إغلاق كليات الزراعة.. فهل الإعلام بضاعة «مُنقرضة»؟!.
والسؤال الآن: لماذا تريد أن تدخل كلية الإعلام؟.. هل تدخلها لأنك لن تعدم الوظيفة بعد التخرج؟.. هل تدخلها لأنك ابن أحد الصحفيين، وأبناء العاملين في مجال الإعلام؟.. أم لأنك استشعرت بعض الموهبة، وأنك خُلقت لتكون صحفيًا أو إعلاميًا؟.. هل تدخل الإعلام لأنه مهنة الملايين؟.. أم لأنك تحمل رسالة ما لوطنك؟.. المهم أن «تجيب» أولًا قبل أن تقدم أوراقك للإعلام!.
وأظن أن كليات الإعلام نفسها قد استشعرت الخطر، فراحت تؤهل طلابها لسوق الإعلام الجديدة.. وكانت البداية قبل تسلم أوراق الطلاب الجدد.. هل يصلحون أم لا يصلحون؟.. الدكتور سامى عبدالعزيز، العميد الأسبق لإعلام القاهرة، سعى لتطبيق اختبارات القدرات قبل المجموع.. اللجنة تقول: هل هذا طالب يصلح أم لا يصلح؟.. الفكرة ليست بالمجموع إطلاقًا!.
وهى محاولة لها تقديرها واعتبارها بالطبع.. فالأول أن يكون الطالب موهوبًا.. وأن تكون لديه قدرات طالب الإعلام.. «وليس هو بالمناسبة الذي يحفظ عواصم الدول وعملاتها».. أيضًا «ليس هو الطالب الذي يكتب المقالات على السوشيال ميديا».. وقد أبديت تقديرى للدكتور سامى.. وإن كنت قد خشيت من أن تكون الاختبارات بوابة للقبول والرفض والواسطة!.
وتظل الاختبارات بداية، وتظل خطوة أولى بالطبع.. خاصة أنها تتعلق بثلاث جامعات حكومية فقط، كما أنها تترك عشرات الجامعات الخاصة تلقى بخريجيها في سوق لا تتوافر لها القدرة على استيعاب الأعداد الضخمة.. فإلى أين يذهب هؤلاء الخريجون.. مع أن الصحف الكبرى أوقفت التعيينات، كما أن بعض الفضائيات أغلقت أبوابها، وسرّحت الإعلاميين المعينين بالفعل؟!.
وأخيراً، أتفهم طبعًا دعوة الإعلاميين إلى مقاطعة كليات الإعلام.. لكن المهنة مثل غيرها سوف تبقى، ولكنها سوف تفرم الكثيرين للأسف، وسوف تقبل أصحاب القدرات الخاصة.. وستقبل المؤهَّلين فعلًا.. لن تقبل الوساطات من أبناء الأكابر إلا إذا كان هؤلاء ورثة شرعيين لأصحاب الصحف أو الفضائيات!.