بقلم : محمد أمين
القرار الذى اتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعويض أبناء النوبة عن أراضيهم ومساكنهم، يعتبر قرارًا تاريخيًا بكل المقاييس.. فهو لم يكن مضطرًا لهذا، وله كل العذر.. فقد سبقه ثلاثة رؤساء لم يفعلوا شيئًا.. ولكنى مازلت أتذكر مقولة أطلقناها منذ بداية عصر السيسى، أنه جاء يحاسب على مشاريب من سبقوه.. وأجمل ما فى الأمر أنه لم يتردد ولم يتنكر لأهلنا فى النوبة!.
وقد كان الرئيس عند وعده لأهل النوبة، ومرت الأيام وهم لا يصدقون.. وفجأة سمعنا وقرأنا وشاهدنا اللجان الحكومية تستقبل الطلبات من النوبيين، وتدرس كل حالة على حدة، دون أى بخس أو تقتير.. هكذا هو الرئيس الوطنى الذى يشعر بمواجع المصريين.. يسدد المشاريب بنفس راضية.. بيقين أنهم تعاملوا مع الدولة المصرية وليس الرئيس فلان أو علان!.
وكانت فرحة النوبيين أكبر من أى فرحة.. من ناحية لأنهم أثبتوا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب.. ومن ناحية لأن الدولة تتصالح مع أبنائها، وهى قيمة أكبر من أى تعويضات.. صحيح هذا هو المعنى.. لا يهم التعويض، بقدر ما يهم تقدير الدولة.. والرئيس كان يعرف ذلك.. ويعرف أن المصالحة مع الناس أهم من أموال الدنيا.. هذه حالة وفاء «رئاسية» تجاه أبناء النوبة!.
وتشير التقديرات أن المتضررين من بناء السد العالى بإجمالى ١١ ألفا و٧١٦ مستحقًا، وهى فوق احتمال أى حكومة تمر بمثل هذه الظروف التى تمر بها مصر.. ولكن كان الرئيس يريد أن يقول إن حقوق المصريين لا يمكن أن تضيع سدى.. وهو درس وطنى كبير.. ومصالحة حكومية فوق العادة لأبناء أسوان.. وهم ناس فى قمة الكرم والهدوء والحب والبساطة أيضًا!.
وأظن أن المسألة أكبر من جبر الخواطر.. فهى طبعًا مسألة حقوق.. لكن الرؤساء الذين جاءوا بعد عبدالناصر قالوا (حاضر وخلاص).. فلم يفعل لهم السادات شيئًا ولا مبارك.. ولكن السيسى وعد فأوفى.. وهى مسألة مهمة فى علاقة الرئيس بشعبه.. لا يفهمها أى أحد.. ثم إنه لم يتاجر بها.. ولا أى شىء.. وفوجئنا أنهم راحوا ليصرفوا المستحقات فى هدوء وبتسهيلات كبيرة!.
حصول الشعب على حقوقه مسألة مهمة للغاية.. وتقدير الرئيس لأبناء وطنه يفوق أى شىء.. يرسى قواعد من الاحترام والالتزام بلا حدود.. وهى القيم التى أراد الرئيس ترسيخها من أول يوم.. سواء حين تحدث عن حقوق أهل النوبة، أو عن سكان العشوائيات.. وهى فلسفة حكم.. تتحدث عن المصالحة والمصارحة.. وتخفف الآلام عن أبناء الوطن.. ومن هنا كانت الدولة!.
وباختصار، فإن فرحة النوبيين فرحة لكل المصريين، وترسيخ لمبدأ الدولة والمواطنة فى حياة الشعوب.. فالدول لا تترك شعوبها مظلومة أو فى نفسها شىء.. هذه هى القيمة التى رسخها الرئيس.. فلا يترك مظلومًا ولا صاحب حاجة.. و(حاسب على المشاريب).. وهى مسألة تستحق كل تقدير!.