بقلم : محمد أمين
الحكومة لم تعد تخشى البرلمان ولا تهتم بالإعلام.. كانت الحكومة زمان ترتعد من البرلمان وتخشى أدواته وكانت تنزعج من الإعلام فى غياب البرلمان، لأنه كان يملك أن يحاسب الحكومة ويسائلها.. الآن لم تعد تخشى من البرلمان ولا تهتم بالإعلام ولا تشاركه فى إصدار القرارات.. فقد تسللت إلى البرلمان بطريقة أو بأخرى.. وتسللت أيضاً إلى الإعلام ومارست عليه ضغوطاً وحاصرته بمنع الإعلانات حتى فقد تأثيره، وربما فقد آليات وأسباب بقائه!
عندما استدعى مجلس النواب الحكومة قلت هذا «يوم الحساب»، فإذا به «يوم الإنجازات»! وقف رئيس الوزراء ليقدم كشفاً بالإنجازات وصفق النواب للحكومة.. وكنت أتخيل أنه يوم سوف يحقق فيه المجلس فى تصفية شركة الحديد والصلب، أو يحقق فى استجواب الوظائف فى مصر، أو القطار الكهربائى أو وفيات كورونا أو اللقاح الصينى.. وكلها موضوعات تصلح للمساءلة والاستجواب، ولم يحدث شىء من هذا، والعكس هو ما حدث!
الذى ينقذ الحكومة أحد اثنين إما البرلمان وإما الإعلام.. ولابد أن تكون بينهما علاقة ود واحترام وتعاون رسمى، ولابد لكل وزير فى الحكومة أن يتعلم مواجهة البرلمان وحضور جلساته، والرد على استفساراته وطلباته، ولابد أن يتدرب قبل الوزارة على احترام الإعلام والتعاون معه، وأن يكون جزءاً من اهتمامه.. وأن يكون محركاً لقراراته الشعبية.. فلو أن الحكومة اعتمدت على الإعلام فى قراراتها لما وقعنا فى فخ الشائعات ولما وقعنا فى هيستيريا الهجوم على القرارات.. وآخرها القطار الكهربائى.. ولكن معظم الوزراء عديمو الخبرة بحضور البرلمان، والتعامل مع الإعلام فكانت الأزمة!
عشنا فترات طويلة بدون برلمان، أو بدون برلمان فاعل، وكان الإعلام هو البديل للبرلمان والأحزاب.. فحاولت الحكومة الخلاص من الإعلام بإضعافه وتصفيته وإفقاره وتقليم أظافره، وتشويه رموزه، فحاول كل طرف الانتقام لنفسه، وتغلبت الحكومة بأدواتها ومواردها وانهزم الإعلام (صحفا وفضائيات) وخسرت البلاد وسيلة مهمة للتنوير والرقابة!
قلت أمس إن مشكلتنا مشكلة إعلام لا نهتم به ولا نضعه فى بؤرة الاهتمام، وقلت إن الحل بإتاحة المعلومات والتمهيد للناس حتى لا يواجه أى مشروع بالهجوم.. وهى «مسألة تدخل فى حرية الصحافة وحق تداول المعلومات، باعتبار أن الناس شركاء فى أى قضية تخصهم».. وأقول ذلك وأكرره، لأن الحكومة لا تهتم بالإعلام وفى كل مشروع سوف نكرر ذلك.. فلم يحدث فى أى مشروع أن كان الإعلام الوطنى حاضراً ولا شريكا رئيسياً.. مع أن الإعلام هو رجل المطافئ الذى يطفئ كل نار قبل أن تشتعل!
وختمت مقالى بهذه العبارة: «اعتبروا الإعلام شريكا رئيسياً واجعلوه فى بؤرة اهتمامكم».. ومع أن كل وزارة فيها مكتب إعلامى، إلا أنه لا يتحرك إلا بعد اشتعال النار كرد فعل.. وهذه هى الأزمة التى تخلق كل أزمة، فمكتب الإعلام تحول إلى سكرتارية وليس مكتبا يقود العمل.. مع أن عمل الإعلام يسبق عمل الوزير ويأتى بعده أيضاً!