بقلم : محمد أمين
يظل الرئيس السيسى الأكثر حسماً والأسرع استجابة فى دائرة الحكم العليا، من كل المحيطين به.. كنت قد وجهت دعوة إلى رئيس الوزراء، لمراجعة قانون حظر البناء فى عموم مصر لمدة ستة أشهر.. ووصفت القانون بأنه خرب بيوت عمال المقاولات من الحدادين والنجارين وعمال البناء وكلهم يعمل باليومية، وهناك ملايين الأسر تعيش على هذه اليومية غير المنتظمة أيضاً، وطالبت بتدقيق التراخيص وفتح الباب لمن يستوفى اشتراطات البناء، واستجاب الرئيس قبل رئيس الوزراء.. وفاجأنى البعض من الزملاء بخبر الاجتماع الذى دعا إليه الرئيس بهذا الشان!
وأظن أنها ليست المرة الأولى التى يستجيب فيها الرئيس لما نكتبه، المهم أن يطمئن إلى أنها كلمات تعبر عن نبض الناس بنوايا حسنة وأهداف وطنية، ولا يكون صاحبها مدفوعاً برغية خارجية أو مدفوعاً بطلب من فئة معينة.. ولكنها كلمة خالصة لوجه الله والوطن تستحق الاستجابة لها!
وفى الحقيقة أن الرئيس لم يخذلنى فى أى مرة وجهت فيها دعوة أو رسالة.. وكانت استجابته أسرع من الطلب.. وكأنه هو نفسه كان يفكر فى الأمر، وهنا دعا رئيس الوزراء للاجتماع ومعه اللواء أ. ح. إيهاب الفار، رئيس الهيئة الهندسية، وتناول الاجتماع آليات إصدار تراخيص البناء، واستعراض حالات المخالفات والتعديات على مستوى الجمهورية، وطالب بوضع أنسب الحلول لها، كما صرح بذلك المتحدث الرسمى للرئاسة!
وطالما أن الرئيس تدخل فى مسألة من هذا النوع فلابد أنه سيكلف من ينهى على مشكلة فساد الأحياء التى تناولتها فى مقالى أيضاً.. ولابد أنه سيكلف المحافظين بتكوين جهاز تفتيش ومتابعة لمراجعة التراخيص ووضع الأمر تحت عين المسؤول الأول!
فالرئيس لا يمر على مشكلة ثم يتركها دون أن يتعامل معها بالطريقة المناسبة، وهو لا يتوانى عن المتابعة ويذكر بها المحافظين فى الاجتماعات العامة على الهواء مباشرة، وقد شاهدنا من قبل نموذجاً لذلك.. فالرئيس لا ينسى ما يكلف به، ولا يتجاهل ما يعرض عليه من مشكلات يرى أنها حقيقية!
وهذه نوعية من المشكلات التى نرى أن الرئيس «يذاكرها» قبل أن يتعرض لها.. ولذلك لم يكن غريباً عليه حين طلب من الهيئة الهندسية أن تعتمد على قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة وتعتمد أيضا على صور الأقمار الصناعية بالتنسيق مع رئاسة الوزراء، وتطوير منظومة الرقابة وإصدار التراخيص.. وبالتالى فلم يقف عند حد الطلب الذى طلبناه وهو فتح الباب فقط، ولكنه وضع تصوراً متكاملا لعمليات البناء، بحيث لا تظهر العشوائيات مرة أخرى، بعد جهود الدولة للقضاء عليها!
ومعناه أن الرئيس لا يوجه بكلام سرعان ما يتم نسيانه، ولكنه يطلب خرائط وصورًا بالأقمار، ويطلب قاعدة بيانات حديثة ومطورة وكأنه ترجم ما قلناه أفضل مما كتبناه.. وحول الفكرة البسيطة إلى مشروع كبير وورقة عمل يشرف عليها رئيس الوزراء شخصياً وأهم جهة هندسية يمكن الاعتماد عليها فى البلاد!