بقلم : محمد أمين
فى الوقت الذى كان الرئيس السيسى يلتقى فيه برئيس مجلس السيادة السودانى، عبدالفتاح البرهان، كان هناك اجتماع ثلاثى، برعاية الاتحاد الإفريقى، للتفاوض حول سد النهضة، وكان الاجتماعان الرئاسى والوزارى يؤكدان أنه لا تفاوض إلى ما لا نهاية، وأن نهر النيل قضية أمن قومى، فلا يمكن مواصلة المفاوضات بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب، الذى انتهى إلى طريق مسدود!
والاجتماعان الرئاسى والوزارى أكدا أهمية التوصل إلى اتفاق ملزم لكل الأطراف، إذن يبقى الموقف الإثيوبى، الذى عليه أن يتخلى عن المراوغة وأن يتفاوض ويتفاوض بلا سقف للتفاوض، مع العلم بأن مصر والسودان لهما موقف واحد، وهو التفاوض للتوصل إلى حل، برعاية إفريقية، وهو الوسيط الذى قبلته إثيوبيا، وأصرت عليه، لا لتضيع الوقت ولكن لتنجز الملف فى داخل البيت الإفريقى!
وحتى تثبت السودان ومصر جديتهما، حضر وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، وأرسل وزير الرى السودانى، البروفيسور ياسر عباس، رسالة إلى وزيرة التعاون الدولى بجنوب إفريقيا، يؤكد فيها تمسك السودان بالمفاوضات الثلاثية، برعاية الاتحاد الإفريقى، وهو تأكيد لجدية البلدين فى التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق عادل وملزم يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث!
ومن المهم أن تعرف أن مصر قد ذهبت إلى الجولة الجديدة من المفاوضات بكل حسن النية، وبحضور وزير الخارجية، والسودان تؤكد هذا الموقف أيضًا بالتنسيق والتناغم مع مصر فى معظم الملفات، ومنها أزمة سد النهضة الإثيوبى، وهى رسالة إلى إثيوبيا، بعلم الوصول، بأنها لا تأخذ السودان فى صفها، وأن القضية مصرية فى المقام الأول، وأنها ليست قضية عادلة، ولا يمكن الاحتكام كما تقول إلى معاهدات وضعها الاستعمار!
الخلاصة أن هناك إجماعًا على أنه لا يمكن التفاوض للأبد، وهناك إجماع مصرى سودانى أيضًا على أن الحقوق المائية حقوق تاريخية لا يمكن التنازل عنها، كما أنه لا يمكن التفاوض بنفس الأسلوب ونفس الطريقة التى أوصلت الأزمة إلى طريق مسدود، وأخيرًا هناك اتفاق على إنجاز المهمة برعاية الاتحاد الإفريقى، على أن يكون هناك اتفاق ملزم لجميع الأطراف وإثيوبيا أولًا بإجراءات الملء والتشغيل فى فترات الجفاف!
السؤال: هل تلتزم إثيوبيا بما تنتهى إليه أطراف التفاوض أم تظل تنسحب كلما لاحت فرصة الحل من بعيد، كما حدث فى واشنطن؟.. وهل تعتبر إثيوبيا سد النهضة مشروعها القومى، الذى لا يمكن إيقافه بالتفاوض سواء فى أمريكا أو إفريقيا؟.. وهل لديها الجدية نفسها التى لمصر والسودان؟!
هل تأخذ إثيوبيا تصريحات ترامب فى اعتبارها أثناء التفاوض، أم تظل تماطل حتى لا يكون هناك حل غير الحرب؟.. أعرف أن مصر لا تميل إلى الحرب، على الأقل مادام هناك أمل فى التفاوض، ومادام كل الوسطاء يؤكدون حق مصر فى مياه النيل.. ولكن هل نُضيع سنوات أخرى فى التفاوض، بينما يكون السد أمرًا واقعيًا؟.. لا أظن.. أكيد هناك بدائل فى حقيبة مصر!