بقلم : محمد أمين
التسويق السياسى هو الفريضة الغائبة فى كل القوانين التى تمس الرأى العام المصرى.. وتخيل معى لو تم تسويق قانون التصالح قبل تطبيقه لكان قد تم استيعاب كل النقاط الخلافية وتجاوزها قبل إقرار القانون، وبالتالى تقصير المسافة، وتقليل الوقت، والابتعاد عن الاحتكاك بالناس.. مهمة الحكومة أن تشرح وأن تتواصل وأن تتفاهم مع الناس.. ولو حدث هذا لما تحدث أحد عن الجباية وفرض قوانين لتقليب المواطن، مع أنها أفكار نبيلة، ولكن تم تنفيذها بطريقة خطأ!
السؤال: هل كانت هناك ضرورة لهذا القانون الآن؟.. تلقيت هذا السؤال من أحد المذيعين.. قلت إنه وقت مناسب جدًا لأن مافيا المقاولات صدّرت لنا مبانى مخالفة أقرب إلى العشوائية، وغير معقول أن نعيد العشوائيات مرة أخرى، بعد أن قامت الدولة بمجهودات جبارة لتفكيك هذه العشوائيات الخطرة، وبناء مساكن حضارية بديلة مُخطَّطة ومُنظَّمة ومُرفَّقة، وتضم مدارس وملاعب وقصور ثقافة لخدمة المواطنين بهدف تحسين الحياة!
ولكن ربما كان التنفيذ بطريقة غلط أشعرت الناس بأنها عملية جباية، حتى قال رئيس الوزراء، فى كفر سعد: «لا يهمنا جمع الأموال ولكن يهمنا تقنين هذه المبانى المخالفة».. وتحول قانون التعذيب إلى قانون تصالح مع الشعب، فنزل رئيس الوزراء بسعر متر التصالح إلى 50 جنيهًا فى الريف وبعض المناطق الشعبية فى المدن، وارتاح المواطن وشعر بأنه آمن فى بيته لن يهدمه له أحد، ولن يُخرجه منه أحد!
القرارات التى اتخذها الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، بتخفيض تسعيرة التصالح جاءت استجابة للرأى العام، وهى خطوة محمودة، وأتمنى دائمًا أن يكون هناك حوار بين الحكومة وممثلى الرأى العام من الصحافة والإعلام.. فالإعلام ليس رفاهية، وليس كمالة عدد، ولكنه يمثل نبض الناس، ومرآة الحكومة والشعب!
على فكرة، التسويق السياسى علم يتم اعتماده فى تسويق كل شىء فى الخارج «من الصابونة إلى الرئيس»، كما ذكر الدكتور سامى عبدالعزيز فى كتابه تحت هذا العنوان نفسه.. وهناك طرق للتسويق، منها الحوار المجتمعى أو الحوار الوطنى أو اللقاءات الإعلامية والصحفية كما حدث.. وأى إهمال للتسويق السياسى تتحمل الحكومة نتائجه، وقد لا تنجح فى مشروعها.. وقد تتعثر بسبب إهمال الرأى العام والإعلام.. وبالتالى لابد من صياغة منظومة إعلامية وطنية قوامها الحريات أولًا.. حتى يصل صوت الناس باحترام ودون مغالاة!
وأخيرًا، أرجو أن تعتبر الحكومة قانون التصالح نموذجًا للحركة مستقبلًا.. وأن تضع فى اعتبارها آليات ومفردات التسويق السياسى قبل أى قانون آخر على هذا النحو حتى تحقق أهدافها بالتفاهم والنقاش، فهو الأسرع فى الاستجابة والأكثر تواصلًا مع الجمهور، فالإعلام لا يمكن أن يخون الوطن والمواطن.. فالحكومات تذهب ويبقى الوطن!