بقلم : محمد أمين
هل عندنا أجهزة لقياس الرأى العام؟.. وهل تهتم الدولة بقياس الرأى العام لتضع السياسات المناسبة طبقًا لنبض الجماهير؟.. بالتأكيد عندنا أجهزة ومراكز لقياس الرأى العام، يستفيد منها صانع القرار أحيانًا.. وبافتراض أن عندنا هذه الأجهزة.. فبالتأكيد هناك قضيتان تشغلان الرأى العام الآن وربما ثلاث.. الأولى التى لها أولوية وهى قضية التصالح فى مخالفات المبانى.. والناس لا ينكرون المخالفات ولكن يبحثون عن طريقة لعلاجها.. بحيث تأخذ الدولة حقها ويشعرون بالأمان فى بيوتهم!
القضية الثانية وليست فى المرتبة الثانية هى قضية مياه النيل، ماذا حدث فيها ولماذا سكت الكلام عنها فجأة؟ هل هناك حل، أم هناك حرب، أم ننتظر حتى ينهار السد دون طلقة رصاص؟.. والسؤال: لماذا توقفت المفاوضات هكذا؟.. الناس تريد أن تعرف.. لأن النيل ليس قضية حكومة ولكنه قضية شعب يبحث عن الحياة.. ومن العجب أنه لم تحدث حوارات وطنية ولا حزبية ولم تخرج مظاهرة واحدة تندد بإثيوبيا أو الأمم المتحدة أو إسرائيل.. هل معقول أن قضية وجود لا تحرك الشعب بأى شكل؟ ما معنى هذا دوليًا؟
القضية الثالثة قضية ليبيا والحرب مع تركيا. أين نحن الآن؟ القضية سخنت ثم هدأت كأنها انتهت.. هل الردع كان كفيلًا بانسحاب تركيا من ليبيا؟.. هل سنحسم قضية النيل بنفس الطريقة، أم سنرجع إلى مجلس الأمن لأن الأمر مختلف؟.. قياس الرأى العام مفيد فى القضايا التى تخصه.. صحيح أن السياسات لا تخضع لهذا القياس، لكنها تعبر عنه.. يعنى مثلًا لو كان الرأى العام يميل للحرب فليس بالضرورة أن تذهب الدولة للحرب.. ولو كان يميل للحوار والتفاوض فلا يعنى أن تهمل الدولة خيار الحرب.. لكن الرأى العام الحى يساند الدولة حربًا وسِلمًا.. والمعارض يشد أزر المفاوض كما يقال.. ومعناه لا تهملوا الرأى العام!
تخيلوا أن الرأى العام الذى يخوض الانتخابات اليوم لاختيار مجلس الشيوخ، ليس مهمومًا بهذه القضية قدر اهتمامه بالقضايا التى ذكرتها.. والسبب من وجهة نظر البعض أن مجلس النواب لم يمثل الرأى العام بشكل جيد فى قضايا الرأى العام.. ولم يقدم غطاءً قانونيًا لأى قضية قانونية تشغل الناس.. خاصة فى قضايا التصالح وإزالة المبانى المخالفة.. مما سيكون لهذا الموقف أثره السلبى على انتخابات مجلس الشيوخ.. وهذه حقيقة ينبغى قراءتها بهدوء!.
مرة أخرى أقول لا تهملوا الرأى العام.. مهم أن تكون السياسات معبرة عن اتجاهات الرأى العام.. فليس معقولًا أن نخوض انتخابات لا يذهب إليها الجمهور.. وليس معقولًا أن تهدأ الأصوات على قضية حياة ووجود.. هذه القضية لابد أن تكون ساخنة طوال الوقت.. فمن الغريب أن تكون لإعدائنا أدوات لقياس الرأى العام المصرى ولا تكون عندنا هذه الأدوات.. أو تكون عندنا ولا نستخدمها!.