بقلم : محمد أمين
النظام السياسى العالمى سيتغير بعد كورونا.. الاقتصاد أيضاً سيتغير.. الخسائر الاقتصادية مفهومة ولكن الخسائر المعنوية ستكون ضخمة للغاية.. وأمريكا أولى الدول الخاسرة بضراوة.. الصورة الذهنية ستتغير كثيراً.. لن يتقبل العالم ما تبثه إمبراطورية هوليوود من أفلام على أنها حقائق، كما كان يحدث.. كانت أمريكا تتحدث عن قوة علمية وهمية.. ربما صعدت إلى الفضاء، ولكنها عجزت عن مواجهة فيروس تافه على الأرض!.
وللأسف، فقد صنعت هوليوود أبطالاً من كرتون.. ورسّخت فى أذهان الناس صورة لا وجود لها.. حركت الخيال فقط، وجعلت من أمريكا أرضاً للأحلام.. حين أصيب العالم بكورونا كان الرئيس ترامب لا يتحرك كأنه واثق من التصرف.. وحين وصل الفيروس إلى أمريكا فوجئنا بتساقط الناس فى الشوارع وأصبح الوفيات بالمئات فى ساعات.. فلا لقاح ولا دواء ولا أى شىء.. نظام وهمى صنعه الإعلام وصنعته السينما للأسف الشديد!.
نحن أمام صورة ذهنية تتداعى، ليس بفعل إعلام مضاد على الإطلاق، ولكن أمام انهيار النظام الطبى الذى قال ترامب إنه ورث نظاماً سيئاً من اوباما.. انكشفت الأقنعة الآن وسقطت الأساطير التى صنعتها هوليوود.. لا يستطيع واحد أن يلون الأخبار، التى يجرى بثها الآن.. الأرقام لا تكذب.. صورة ترامب موجودة وهو يتحدث عن كلوروكين كعلاج بدلاً من الموت.. يقول إنهم لن يخسروا شيئاً لو ماتوا، إنهم يموتون فعلاً!.
لقد كان العالم قبل كورونا يسند ظهره إلى أمريكا.. وساهم الإعلام فى صناعة هذه الصورة.. وساعدت الأفلام فى دعم الصورة الذهنية.. الآن هى التى غيرت الانطباعات وغيرت الصورة وكشفت الأقنعة.. أين البحث العلمى، وأين أكبر جامعات العالم، وأين ناسا وخريطة الفيروسات؟.. وأين الدولة التى تعرف لون الملابس الداخلية؟.. لقد ظهرت، للأسف، لا تعرف شيئاً عن الفيروس وتنتظره من بلاد أخرى وتطلب منها المساعدات.. والأدهى أنها تمارس القرصنة، وتسرق شحنات طبية قادمة من الصين وتايوان لدول مصابة، وهو مؤشر خطير على تراجع الصورة الذهنية لأمريكا بعد كورونا!.
وفى المقابل، كانت مصر تقدم صورة ذهنية أخرى أكثر جاذبية بلا إعلام ولا هوليوود ولا غيرهما.. إنما بسلوكها تجاه العالم، وعرض المساعدات وتحرك الطائرات بالمعونات الطبية.. هذا هو الفرق بين دولة عندها حضارة وتاريخ، ودولة مازالت تمارس القرصنة كأسلوب حياة، كأننا قبل التاريخ!.
لا أحد يستطيع تصديق رسائل السينما الأمريكية وهى تقدم أفلاماً تصف القدرات الخارقة لأبطالها، فى الوقت الذى لم تستطع فيه أمريكا كلها مواجهة فيروس فى حجم ذرة.. فكل ما قدمته السينما وَهْم، وكل الأساطير التى روّجت لها كانت خرافة.. إنها تحتاج إلى تغيير الصورة من جديد بعيداً عن صناعة الوهم!.
وأخيراً، فقد أثبتت هذه الأزمة أن الذين أنتجوا الماسكات والقفازات أكثر تحضراً من الذين أنتجوا السلاح النووى!.