بقلم : محمد أمين
لا تستغرب ولا تتعجب من هذا العنوان، فقد حدث بالفعل فى ليبيا، مما أثار جدلًا غير مسبوق فى الأوساط كلها.. ثم أصبح سببًا للتندُّر والسخرية عبر وسائل التواصل الاجتماعى.. بين مؤيد ومعارض.. وفى الحقيقة، فإن الشرطى الليبى «معذور» وهو يسمع الفتاوى ليل نهار تحرم تهنئة المسيحيين والاحتفال بأعياد الكريسماس.. فماذا كان يفعل؟.. هل كان يخالف الشرع ويسمح بعبور شجرة الكريسماس؟ أم يلقى القبض عليها ويخلص الناس من شر الكريسماس لأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار؟!
لا تلوموا رجل الشرطة، الذى يعيش تحت تأثير فتاوى التحريم على مدار الساعة، ولكن لوموا الذين حرّموا علينا عيشتنا، وحرّموا كل شىء رغم أنه لا يمس أصل العقيدة فى شىء.. الشرطى تشبّع بهذه المفاهيم المغلوطة، التى يرددها رجال الدين صباح مساء.. فما كان منه إلا أن صادرها لأنه يشارك فى الإثم لو سمح للمسيحيين بالابتهاج فى أعياد الميلاد.. فأخذ بالأحوط، ومنع شجرة الكريسماس من دخول البلاد، وألقى القبض عليها!
هل تعلم أن الهاشتاج الذى شغل المسلمين فى أعياد الميلاد كان «لا تحتفلوا بالكريسماس»؟ وهل تعلم أن هذا الشرطى وغيره يمكن أن يتعاملوا مع هذه الدعوات على أنها من صلب العقيدة؟ ولذلك رغم أن الخبر يثير السخرية، فإنه أيضًا يثير الشفقة؟.. لقد التمست لهذا الشرطى ألف عذر عند قراءة الخبر، ولم أسخر منه كما سخر الساخرون.. فهو رجل بسيط يعيش فى بيئة لا تحتفل بالكريسماس ولا تهنئ المسيحيين، فماذا كان يفعل؟!
صحِّحوا العقيدة أولًا قبل أن تلوموا الشرطى أو تسخروا منه.. أو تِتّريَقوا عليه.. ربما ساعتها يوفر جهده للقبض على اللصوص وليس شجرة الكريسماس.. بالتأكيد نحن لم نفسد الشرطى فقط، وإنما أفسدنا أجهزة كثيرة ضيّعت وقتها فى أشياء لا حاجة لنا بها إطلاقًا.. ونحن وهو أحوج ما نكون إلى وضع لائحة جديدة للتعامل معها فى المنافذ.. ماذا يترك وعلى ماذا يقبض؟