بقلم : محمد أمين
الخارجية الإثيوبية أعلنت، أمس الأول، رفضها الوساطة الرباعية بشأن ملف سد النهضة، التى اقترحها السودان ودعمتها مصر، وأكدت تمسكها بالوساطة الإفريقية فى الحل داخل «البيت الإفريقى»، دون الحاجة إلى طرف آخر كوسيط.. وأتمنى أن تصدق إثيوبيا فى تمسكها بالحل داخل البيت الإفريقى، ولا يكون ذلك مدعاة للتعنت وتضييع الوقت من جديد!. فما معنى هذا الرفض الإثيوبى، وما الحلول المريحة التى تتكلم عنها؟.. وهل تتصور إثيوبيا أن مصر يمكن أن تصمت على ذلك، وتقبل بسياسة الأمر الواقع؟!.
أعتقد أن السفير دينا مفتى، المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، كان سفيرًا فى مصر طوال سنوات مضت، ويعرف أن مصر تتعامل مع هذا الملف بجدية شديدة، وأن الفترة القادمة ستكون كل جهود الدولة المصرية موجهة لحل الأزمة، والتفاعل مع كل القوى الفاعلة فى الأمم المتحدة واستخدام كل الأوراق الدبلوماسية حتى تفهم إثيوبيا أن مصر لا تساوم على مياه النيل.. والسؤال: هل تقصد أديس أبابا أن الحلول مريحة لإثيوبيا أم لدولتى المصب؟!.
أتصور أن الوقت أصبح تحديًا كبيرًا، وبالتالى فلابد أن توجه كل اجتماعات وزير الخارجية سامح شكرى للقضية الأم، وهى قضية سد النهضة.. وأتصور أن تكون هناك رحلات مكوكية لكل الدول المعنية لوضعها أمام مسؤولياتها.. فهذا وقت ينبغى أن نعرف فيه مَن معنا ومَن ضدنا بوضوح شديد.. فلابد أن تكون الوسائل والأوراق فى يد مصر أكبر مما تتوقع إثيوبيا.. سواء كانت أوراقًا سياسية أو دبلوماسية أو حتى عسكرية!.
مع ملاحظة أننى لم أفقد الأمل أبدًا.. وحين أتحدث عن الأمل أعرف أن هناك فرقًا بين الوهم والأمل.. وما كان لى أن أخلط بين الاثنين بأى حال.. عندها سوف نصل إلى الحلول المريحة التى تطلقها إثيوبيا ولا تقصدها.. إلا على مستوى أنها مريحة لها أولًا وأخيرًا!.
وأظن أن مصر تعرف أن الشعب ينتظر منها مفاجأة أو اللجوء إلى وسائل جديدة لتحقيق الهدف.. أو دخول أطراف جديدة على خط المفاوضات، مثل السعودية والإمارات ودول مجلس التعاون الخليجى، وهى فرصة ليعرف كل طرف ثقله الدولى.. وكانت السعودية قد أعلنت أنها ستتدخل بثقلها لإيجاد حل لأزمة مياه النيل باعتبار أن الأمن المائى المصرى هو أمن مائى عربى، وهو مكون أساسى من مكونات الأمن القومى العربى!.
وأخيرًا، أتوقع تغيرًا كبيرًا فى الموقف فى الأيام القادمة والقيام برحلات مكوكية للخارجية المصرية، وتأجيل كافة الملفات لتتصدر أزمة سد النهضة صدارة المشهد، وتكون الدولة كلها فى خدمة الملف الحيوى.. فلا يمكن أن نرضخ لسياسة الأمر الواقع، ولا يمكن أن نستسلم لما تسميه إثيوبيا «الحلول المريحة»، رافضة كل أشكال التفاوض.. وهى فرصة ليعرف كل طرف ثقله السياسى على المستوى الدولى، بعيدًا عن الملاسنات!.