بقلم : محمد أمين
المراوغة التى تبدو عليها إثيوبيا فى مفاوضات سد النهضة، سببها أن الجانب الإثيوبى لا يمتلك إرادة سياسية للإنجاز.. وربما أنه معبأ بأفكار قديمة تجاه الدولة المصرية.. والصفحات الإفريقية على الفيس بوك تكشف جانبًا من هذه الأفكار.. بعضها يرى أنه مشروع قومى لا تراجع عنه.. وبعضها يرى أن مصر تتعامل بفوقية غريبة منذ سنوات العصر الملكى.. وقد يكون لإثيوبيا بعض العذر فيما تقول وقد لا يكون.. لكن يبقى التفسير الأقرب إلى المنطق أنها أعطت كلمة لطرف من الأطراف وقبضت الثمن ولا تملك التراجع!.
ولست مع الأشقاء فى إثيوبيا أن السد هو الحل الوحيد الذى سينجز عملية التنمية وتوليد الطاقة الكهربائية.. فهناك بدائل أخرى من الطاقة الجديدة والمتجددة تعتمد على طاقة الشمس، وهى فى إثيوبيا مثل كل بلاد إفريقيا لا حدود لها.. وقد أنجزت مصر محطة للطاقة الشمسية فى بنبان أسوان، يمكن لمثلها أن يغنى إثيوبيا عن سد النهضة.. ويمكن لمصر أن تساعدها فيه.. لكن إثيوبيا أغلقت عينيها وأذنيها عن أى حل آخر!.
وهذه رسالة لرئيس الوزراء أبى أحمد.. وأنا أعرف أنهم يترجمون كل ما يُكتب عنهم:
لا تراوغ وأنت رجل سلام، ولا تخلق من المنطقة بؤرة صراع وصداع، يعرض إثيوبيا للخطر قبل مصر!.. وأنا لا أتفق مع الخبير الروسى الذى يقول إن مصر ليس لديها أى أوراق ضغط على إثيوبيا.. وإن كنت أتفق معه أن إثيوبيا ممتنة للربيع العربى والإخوان المسلمين.. ولولا ما حدث ما استطاع أن يقترب من القضية أصلا.. وأتساءل: لماذا انتهزت الفرصة إن كنت تبنى فى بلدك وبفوسك ومياهك؟!.
لقد سمعنا كثيرًا تصريحات من مسؤولين فى إثيوبيا أن المياه مياهنا والفلوس فلوسنا والسد «سدنا عن ابونا وجدنا».. وهى رسائل استقبلناها هنا بعلم الوصول.. والسؤال: لماذا كانت تفعل ذلك تحت جنح الظلام؟.. لكل ذلك كانت النوايا غير خالصة وغير مخلصة ولو قعدنا نتفاوض عامًا آخر فلا جديد!.
لقد قرأت تحليلًا لخبير روسى يقول إنه لم يعد بالإمكان إيقاف إثيوبيا عن المسار الذى اختارته بأى ضغط دولى، ولم يعد أمام مصر غير الحرب، والحرب ستكون مؤجلة لمدة 3 سنوات على الأقل، حين تشعر مصر أنها تأثرت فعلًا ببناء السد.. وساعتها نصبح أمام الأمر الواقع.
لكن أخطر ما فى الكلام أنه تحدث عن حرب مصر مع دولة مسيحية.. وهو تخريج للكلام عن موضعه.. فقد جعلها حربًا بين الإسلام والمسيحية وهو كلام فارغ.. لأنها حرب وجود.. لأن نهر النيل مسألة حياة أو موت ليس للكارت الدينى بها أى صلة!.
وباختصار حين يقول وزير الخارجية «سندرس كل الاحتمالات الممكنة» فلا يعنى أننا سندخل الحرب، فالمعروف أن التلويح بالحرب كان من الأمور التى تمت دراستها مبكرًا، ولا تفضلها مصر حتى الآن!.