بقلم : محمد أمين
وقع المنتخب و«كثرت سكاكينه»، كما يقولون فى مثل مشابه.. ورأينا هجومًا كاسحًا على المنتخب والاتحاد واللاعبين.. لم نترك منهم أحداً.. وأقول إن الشجاعة أن تنتقد فى الوقت المناسب.. أى قبل وليس بعد.. ولا أعترف بالذين يكسرون القلل القناوى وراء الحكومة والمنتخب.. أين كنتم من قبل؟.. الآن يتم استدعاء الوزير ومحاكمة اتحاد الكرة بتهمة الفساد!
لابد أن تكون هناك رقابة برلمانية حقيقية قبل المحاكمات.. ولابد أن تكون هناك رقابة صحفية وإعلامية قبل الهزيمة.. هذا هو دور البرلمان والإعلام.. أحياناً يتم تشكيل الوزارة، ثم يوافق المجلس فى الحال.. لم يعترض على وزير واحد فى دورة كاملة.. اللهم إلا وزيراً ثبت فيما بعد «كيدية الهجوم»، فتم تدبير «مهمة» أخرى له.. فما معنى هذا؟.. أرجو الإجابة!
وللأسف، لم تعد الحكومة ترتعد من مجلس النواب، ولو حتى على سبيل التمثيل.. يدخل الوزراء ويخرجون بلا نقد، ولا طلب إحاطة، ولا استجواب.. حتى ولا توقيع طلبات.. أصبح المجلس «أحن على الحكومة من الأم بولدها».. الحياة السياسية لا يمكن أن تستقيم دون معارضة.. والحياة الكروية أيضاً لا يمكن ان تستقيم دون نقد رياضى.. فأين النقاد يا «ولاد الحلال»؟!
المعارضة الوطنية ليست خيانة، والنقد الموضوعى ليس عيباً ولا حراماً.. فلا تستطيع أن تنتقد سلوكاً رياضياً، ولا فيلماً سينمائياً، ولا مسلسلاً درامياً، ولا وزيراً ولا محافظاً.. هناك من يمنح كل هؤلاء حصانة ضد النقد.. وهناك من يمنع النقد.. حتى أصبحت الحياة بلا طعم ولا روح.. حياتنا أصبحت مثل الطبيخ البايت.. وتحول الإعلام فى نظر الناس إلى «طبالين»!
الآن، تعلموا الدرس من «هزيمة المنتخب».. خذوا العبرة من هذا الفشل.. فلو كان عندنا إعلام ما ظهرت المناحات بعد الهزيمة.. ولو كان عندنا برلمان يمارس مهامه ما رأينا الهجوم المحموم بعد الفشل الذريع.. الحل فى فتح الباب لبرلمان حر وإعلام حر.. هذا هو الحل.. وساعتها سنكون «شركاء».. هذه المبالغات فى النقد والهجوم «شجاعة بأثر رجعى».. كأنها «مقصودة»!
فماذا تفعل اللجان النوعية فى البرلمان؟.. وما هو دورها الآن؟.. هل دورها تمرير كل القرارات بحجة «خلى المراكب تسير».. مثلاً هل حاسبت أحداً.. هل ناقشت وزيراً؟.. هل قدمت استجواباً؟.. ما هو الثمن الذى عطلنا من أجله الأدوات البرلمانية؟.. وما هو الثمن الذى عطلنا لأجله التحقيقات الصحفية؟.. ما الذى حققناه سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ هل ما فعلناه صحيح؟!
وبعد، فإن تعطيل الأدوات البرلمانية وتعطيل النقد خطر على مستقبل الأمة.. فلا أحد فوق النقد.. ولا أحد فوق المحاسبة.. المهم أن تكون المعارضة وطنية، والنقد موضوعياً.. الإعلام الحر يبنى الوطن ولا يهدمه.. والبرلمان الحر مكوّن أساسى من مكونات الدولة العصرية!.