بقلم : محمد أمين
لا تسأل لم كانت المقاطعة ولم كانت المصالحة؟.. ولا تبحث عن الأسباب هنا أو هناك.. ولا تنتظر منى أن أقدم لك سراً من الأسرار.. فلسنا ضد المصالحة على أى حال.. وقد اخترت عنواناً من ثلاثة عناوين: الأول «بتصالحنى حبة وتخاصمنى حبة، كل شوية تغضب كده من غير مناسبة» للفنانة المعتزلة عزيزة جلال.. والثانى «أصالحك آه، أخاصمك لا» للفنانة اللبنانية نانسى عجرم.. والثالث «أصالحك وماله، ودى فيها إيه، حبيبى وبحبه، محبكش ليه» للفنانة التونسية لطيفة.. وكلها أغنيات تشجع التصالح والتسامح.. وقد رأينا العناق بين المتصالحين بعد طول غياب!
ولست من الذين يميلون إلى تفسيرات، أنها أوامر أمريكية، أو مصالحة بتدخلات أمريكية، وهؤلاء يشيرون إلى جهود جاريد كوشنر فى المنطقة، ورغبة ترامب فى إنهاء دورته الرئاسية ووداعه للبيت الأبيض بعمل نافع وناجح.. وإنما أشير بكل الامتنان لجهود دولة الكويت وأميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر، حتى أميرها الحالى الشيخ نواف.. فقد كادت مساعى الكويت تنجز المصالحة لولا أن الأمير صباح توفاه الله، وهو يدعو للمّ الشمل!
معناه أنها مصالحة عربية عربية، لا ينكرها أحد، ولا يحتاج أحد لأى تدخل أجنبى لإنجازها.. فالوساطة العربية كانت قائمة والرغبة العربية كانت قائمة.. صحيح كانت هناك شروط، لكن أظن أنها توقفت تلقائياً لمجرد أن الزعماء التقوا وأقروا أننا أخوة عرب.. وقد تابعنا على الهواء مباشرة كيف كانت اللقاءات بين الأشقاء، فالحب قائم والعلاقات الطيبة قائمة، غير ما نراه فى الإعلام.. وكما يقولون إنه «تجويد من الإعلام» نفسه، عندما تضغط على الزر!
ويمكنك أن تتابع صحف الخليج اليوم وغداً لتتأكد أن المفردات جاهزة فى الحالتين قبل المصالحة وبعد المصالحة.. فالكلام عن المجد والعلا واستكمال منظومة التكامل وفتح الأجواء بين الدول الخليجية وقطر وعودة الروح لمجلس التعاون.. كلها مفردات صحفية وإعلامية تعطى أجواء مختلفة لهذه القمة التى وصفت بأنها تاريخية، وتعبر عن مرحلة جديدة.. والشعوب ترحب بهذه المصالحة التى عقدت بين القادة العرب وليس لديهم أى احتجاج.. ربما كان الاحتجاج على المقاطعة!
وإذا كانت لطيفة ونانسى عجرم وعزيزة جلال قد قدمن لنا نموذج المصالحة وأسبابها فنياً.. فلا أقل من أن نقدم نموذج المصالحة للعرب عملياً.. فكل الظروف المحيطة بنا تؤدى إلى المصالحة ونبذ العنف والتحريض على الوحدة وعدم التلاسن، وفتح الأبواب أمام العرب جميعاً، نحو حياة تملؤها البهجة والسعادة فى ظل ظروف كورونا التى تعصف بالمنطقة سياسياً واقتصادياً ونفسياً!
وباختصار.. فإن قمة العلا، التى تشارك فيها مصر، سوف تعبّر لأول مرة عن هذه الآمال والطموحات العربية، وتعود بالنفع على الجميع، وكل هذه الإيجابيات تعزز قيمة التصالح، بعد أن كلفتنا المقاطعة الشىء الكثير!