بقلم : محمد آمين
شىء ما لا يمكن أن تنساه وأنت تتابع ما يحدث فى أمريكا هذه الأيام.. فلا يمكن أن تنسى ما حدث فى مصر خلال أحداث 25 يناير.. وأنت تحاول فى كل ذلك أن تبحث عن وجه شبه هنا وهناك.. ولكنك لن تجد هتافات من مثل «ارحل يعنى امشى ياللى مبتفهمشى».. ولن تسمع مقولة «الشعب يريد إسقاط النظام»، رغم أن الشرطة قتلت مواطناً عمداً على الهواء مباشرة، ولكن لا أحد طالب الرئيس بالرحيل الآن الآن وليس غداً.. كما حدث فى الربيع العربى!
لم يطالب الشعب الأمريكى برحيل ترامب ولا بمحاكمته ولم يعلقوا رأسه فى الميادين، ولكنه لجأ إلى القبو المحصن فى البيت الأبيض لحمايته تحت حراسة سرية.. ثم خرج يترجل من البيت الأبيض ليقف على الجانب الآخر من البيت الأبيض أمام كنيسة مجاورة وهو يمسك بالكتاب المقدس.. ثم دخل مرة أخرى للبيت الأبيض.. وكأنه يرسل رسالة أنه لا يخشى.. ثم اتهم أنصار بايدن بأنهم لن يُفلتوا وأن موعدهم يوم 3 نوفمبر القادم!
فى أمريكا لا يخرج الشعب لإسقاط النظام إلا مرة واحدة، ولكن فى صناديق الاقتراع.. مهما حدث هناك انتخابات، هى التى تُسقط الرئيس أو تُجدد له.. ولذلك لم يهتم الرئيس ترامب بهذه الأحداث وهدد بنزول الجيش والشرطة العسكرية لقمع المظاهرات، لدرجة أنه هدد منذ أيام بإطلاق الرصاص على المتظاهرين.. ولم نسمع كلمة من أى منظمة حقوقية دولية تنتقد السياسة الأمريكية أو تنعى على بلد الديمقراطية والحريات.. كأن أمريكا تحمل لنا الديمقراطية، ولا تطبقها!
حاول ترامب أن يقول إنه يخوض معركة انتخابية مبكرة، وإن بايدن يحاول خطف أمريكا وأصوات المتظاهرين، وهو يستخدم فى ذلك جماعات الأناركية الذين يهددون أمن المواطنين الأبرياء، ولذلك فرض حظر التجوال ونشر آلاف الجنود بالسلاح.. وكأنها معركة بين الديمقراطيين والجمهوريين.. وأقسم أنه يحترم قانون البلاد وهى محاولات لامتصاص الغضب، ولكنه لم يفلح حتى الآن!
والمؤكد أن أحداث أمريكا ليس هدفها التغيير، على الطريقة المصرية، وإسقاط النظام والحكومة وحل الدستور وحل مجلس النواب.. هم فقط يريدون أن يضعوا النقاط فوق الحروف.. هناك يوجد نظام مستقر.. وعندنا لم يكن هناك نظام فسقط بسهولة، وسقطت معه الحكومة والحزب والبرلمان!
والفرق بين الثورتين.. أن الثورة عندنا كانت وراءها أصابع خارجية، أما هناك فكان الغضب من الداخل لأسباب عنصرية.. ولا تريد قلب نظام الحكم، ولا تريد إسقاط الرئيس، عندنا كان الهدف إسقاط الرئيس، ولعبت كل الأطراف على هذا الهدف.. ونفذت أجهزة المخابرات المختلفة ذلك، وكان يدعمها البيت الأبيض وأوباما شخصيًا!
والفرق بيننا وبينهم أن هناك عمليات سلب ونهب للمحال الكبرى، أما نحن فقد كنا نكنس الميدان ونعيد الأشياء إلى أصلها آخر النهار.. حتى شهد العالم لنا بالطهر والنظافة وحب الوطن.. فلا توجد فى النهاية مقارنة!.