بقلم : محمد أمين
مصر الآن فى حاجة إلى رجال مطافئ، فى مواجهة قرارات حكومية لا تعتمد على تمهيد إعلامى وسياسى بقدر ما تعتمد على الصدمة والرعب.. ولا أدرى لماذا تستغرب الحكومة نشاط الإخوان فى مواسم من هذا النوع؟.. بالتأكيد هذا موسم ينشط فيه الإخوان.. هذه مصالح أو ورقة ضغط.. سيب وأنا أسيب.. المشكلة كيف تترك لها الساحة خالية بلا تأمين؟.. وكيف تعطيها «البنزين»؟!.
فليس غريباً أن يستغل الإخوان ارتفاع تذاكر المترو.. وليس غريباً أن تستعد من الآن لقرارات يوليو المتعلقة بزيادة أسعار المحروقات.. ولعلك تلاحظ أن كلمة المحروقات تحمل فى طياتها دلالات مخيفة.. قد تؤدى إلى حرائق.. فكيف لم نستعد من الآن، إن كانت هناك نوايا أو قرارات لرفع الدعم عن الطاقة؟.. كيف لا يحدث «تمهيد إعلامى ومجتمعى»؟.. وكيف نعتمد على الصدمة والرعب؟!.
وأعتقد أن رفع تذاكر المترو كان بروفة حية، وأعتقد أنه بالون اختبار حقيقى.. فما جرى فى المترو مؤشر.. وما جرى فى مجلس النواب من صخب، لدرجة أن رئيس المجلس رفع الجلسة حتى تهدا الأوضاع.. المثير أنه قال: وماذا تفعلون فى يوليو عندما ترتفع أسعار المحروقات؟.. هل عملت لجان استماع يا سيدى؟.. هل طرحتم الأمر على الرأى العام؟.. هل عندكم «بدائل»؟!.
والسؤال الآن لاثنين أحدهما تنفيذى، والآخر برلمانى.. الأول هو رئيس الوزراء.. كيف يمكن اتخاذ كل هذه القرارات فى وقت واحد، وفترة رئاسية واحدة، وحكومة واحدة؟.. أليس هناك حل لمواجهة حرق البلاد، واستغلال الإخوان للأزمات؟.. ثم، أليس هناك فرصة للتراجع حتى نمتص صدمة زيادات كثيرة أولاً؟.. ثم أين البرلمان مما يحدث من إجراءات اقتصادية طاحنة؟!.
وبكل وضوح، أرجو ألا تخونكم شجاعتكم.. السياسة ليس فيها شجاعة فقط.. السياسة فيها تقدير موقف.. وفيها حوار مجتمعى.. وفيها تمهيد إعلامى.. وفيها إعلام وطنى.. هل عندكم تقدير موقف يعتمد على دراسات وبحوث واستطلاع للرأى؟.. هل جرى حوار مدنى؟.. هل حدث تنسيق مؤسسى بين سلطات الدولة للتمهيد للقرارات الصعبة؟.. هل يعرف «الإعلام» شيئاً؟!.
فلا تلقوا بكل شىء على الإخوان.. الإخوان لا يصنعون الأزمة، ولكنهم يستغلونها.. نحن من نعطيهم البنزين فيشعلون الحرائق فى ربوع الوطن.. فقط أغلقوا الحنفية.. أو الحوار والكلام.. فالحوار ليس ترفاً.. 15 سنة احتجناها، كما قال وزير النقل لرفع سعر تذكرة المترو.. هل يعقل أن نرفع كل شىء فى أربع سنوات فقط؟.. هل نبرر رد فعل الناس بأنه بسبب تحريض الإخوان؟!.
السياسة ليست كلها شجاعة.. الشجاعة تصلح فى الحروب فقط.. السادات كان شجاعاً حين اتخذ قرار الحرب.. لكنه تراجع حين رفع سعر الرغيف، ليمتص غضب الشعب.. ومن الممكن أن نؤجل هذه الزيادات لوقت لاحق.. فالإصلاح الاقتصادى مهم، ولكن السلام الاجتماعى أهم.. نعيش وندفع الفواتير!.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع