بقلم : محمد أمين
أتمنى أن أكون قد نجحت فى تحريك المياه الراكدة فى موضوع «سترة البنات» وارتباطها بقضية الغارمين والغارمات.. وأعترف بأن شيئًا من هذا قد حدث بقدر ما، بعد أن تفاعل مع ما كتبته على مدى أيام عدد لا بأس به من الأصدقاء، والغريب أن منهم سيدات أرسلن إيميلات يدعمن الفكرة، ويؤكدن أن الإعلام يمكن أن يغير الواقع، ولذلك أصررت على أن أستمر اليوم، خصوصًا بعد أن تلقيت رسالة من رئيس جمعية خيرية شهيرة، يؤكد فيها أنه توقف عن دعم الغارمين، وقرر إلغاء هذا النشاط من الجمعية.. وكانت الجمعية قد اعتمدت على دراسات من فريقها البحثى، فانتهت إلى أنها عملية نصب، فأمر بوقف هذا النشاط، وأكد لى أننى أطرح قضية مهمة للغاية
أكرر أن التبرع لحل مشكلة الغارمين والغارمات ليس حلًا.. الحل هو التوعية والتثقيف، بحيث لا تكون الاستدانة هى أسهل طريق لتجهيز العروسة.. وأحكى لكم قصة صغيرة، كان هناك رجل مزارع يعمل عند رجل ميسور، فراح يفاتحه فى تجهيز ابنته، فتطوع الرجل الغنى بشراء غسالة عادية مساعدة لابنة المزارع، فغضب الرجل البسيط، وقال له: لو بنتك هتشترى لها غسالة عادية؟!.. البنت عاوزة غسالة «فول أتوماتيك» زى بنت خالتها!
وهنا أسقط فى يد الرجل الميسور ولم يعلق.. ونسى الفلاح أنه يتسول، وأن الرجل الميسور يساعده دون مقابل، ومن حقه أن يشترى لابنته ما يشاء بفلوسه، وليس عليه أن يشترى «فول أتوماتيك» لابنة المزارع.. هذه قصة حقيقية حدثت بالفعل، ولابد من حكايتها لضبط زوايا واتزان بعض الناس.. اشتروا على قد حالكم وجهزوا بناتكم دون أن تعرضوا البيت للتدمير أو دخول السجن.. فليس كل الناس عندهم «فول أتوماتيك»!
كانت الناس زمان عندها عفة نفس.. فما الذى جرى؟.. لماذا أصبحنا نريد أن نتملك كل شىء؟.. وللأسف لا نملك الأموال التى نشترى بها.. لماذا نتطلع لشراء كل شىء؟.. كانت الأشياء البسيطة تسعدنا.. وكنا نفرح بشراء عجلة وغيرنا كان يشترى سيارة.. حتى عندما اشترينا السيارات لم نفكر فى السيارات الفارهة، وتصرفنا على قد حالنا، ولا يعيبنا أى شىء.
لا تنظروا إلى الآخرين فى الحياة، انظروا إلى مَن هم أدنى منكم، واشكروا الله على نعمة الاستغناء، وارضوا واشكروه على نعمة الرضا.. هل يأتى يوم لا يكفى العروس جهازها فقط، وهل يأتى يوم تشترى فيه الشقة والشاليه لأن بنت خالتها عندها شقة وعربية؟!
أصبح فى السجون الآن عنبر الغارمين والغارمات.. ومعناه أن هؤلاء سلكوا الاستدانة، واستلفوا واستدانوا وجهزوا عفش العروس بشيكات وكمبيالات.. فهل يأتى يوم يكون هناك عنبر اللصوص الذين يسرقون ثمن العفش، حتى ترضى البنت زى بنت خالتها؟!
وأخيرًا، هذه دعوة إلى كل الأطراف لبحث القضية بهدوء.. وبالمناسبة أشكر استجابة إحدى الجمعيات الكبرى، التى توقفت عن سداد ديون الغارمات، بعد أن اكتشف الباحثون أنها «نصباية».. وتم رفعها من نشاط الجمعية الشهيرة.. كما قال رئيسها التنفيذى، وهو مشهود له بالانضباط وعمل الخير، حتى لا تشيع فى المجتمع ويصعب حلها!.