توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا غالب ولا مغلوب!

  مصر اليوم -

لا غالب ولا مغلوب

بقلم : محمد أمين

البرلمانات فى العالم لا يمكن أن تصدق على مشروعات قوانين ضد إرادة الناس.. وقد كانت الاحتجاجات الفرنسية الأخيرة استفتاء على مشروع قانون الأمن الشامل للشرطة، وكانت النتيجة أن رفضت الجمعية الوطنية الفرنسية «البرلمان» مشروع القانون، بما يمثله من اعتداء على حرية الصحافة، واستجابة لطلبات الرأى العام وحماية لحرية الصحافة.. فقد كان مشروع القانون يحظر تصوير رجال الشرطة أثناء عملهم، ولا أظن أن وسائل الإعلام سوف تعتبر قرار الجمعية الوطنية بأنه انتصار لحرية الصحافة وانكسار للشرطة، وإنما عودة الأمور إلى طبيعتها، لا غالب ولا مغلوب!

فلم يكن احتجاج الفرنسيين ضد الشرطة نفسها، ولا رغبة منهم فى كسر إرادتها، وإنما كان الهدف حماية الحريات وحماية حق الشرطة فى التأمين أيضاً!

وكان أعضاء البرلمان عند ظن الناس بهم، ورفضوا المادة المكبّـلة للحريات، التى أثارت احتجاج الفرنسيين، ورفضها الآلاف، وبالتالى رفضت الجمعية الوطنية إقرار المشروع كله، واعتبرته كأن لم يكن.. وفى السياسة لا يعد ذلك انكساراً للشرطة ولا الدولة ولكن يعتبر تفهماً لمشاعر المواطنين، وعدم الدخول فى دوامة العنف والعنف المضاد، والانتصار للديمقراطية، التى تحمى الجميع مواطنين وأجهزة أمنية!

وسحبت الحكومة مشروع القانون لا لكى تقدمه فى وقت لاحق، ولا لكى تنتهز فرصة وباء الكورونا والناس مشغولة، وإنما لكى تقر بحق الناس فى الحريات التى كفلها القانون والدستور!

ولا تسخر من أن الديمقراطية لم يعد لها مكان فى البلاد التى اخترعتها، ولا تفرح بما فعله «ترامب» حتى الآن وعدم اعترافه بالهزيمة، وعدم الانتقال السلس للسلطة، فإن ترامب حتى الآن يلعب فى المساحة المسموحة له حتى العشرين من يناير القادم، وسينزل على إرادة الناخبين طوعاً أو كرهاً، فكما قال السادات إن الديمقراطية لها أنياب!، وقد تستخدم أنيابها لتنتصر فى النهاية!

الديمقراطية تسمح بفكرة التعايش الآمن، فكما أن للدولة حقوقاً، فإن للمواطن أيضاً حقوقاً.. وفى فرنسا وأمريكا تأخذ الديمقراطية من الدولة والرئيس عندما يجور على حق الشعب، وتأخذ من الشعب عندما يجور على حق الرئيس، فالحياة ليست غالباً ولا مغلوباً، ولا هى انتصار لفريق وانكسار لفريق آخر.. إنما هى توازن بين السلطات التى يحميها الدستور والقانون!

وعلى أى حال، فإن التجربة الفرنسية فى الديمقراطية أكثر رشداً من التجربة الأمريكية، فحتى الآن لم يمكث أى رئيس فرنسى سابق فى الحكم أكثر من دورتين مع أن الدستور الفرنسى لا يمنع ذلك.. ومع هذا انتصرت التقاليد والأعراف الديمقراطية على نصوص الدستور، الذى دفع فيه الفرنسيون أثماناً غالية، فلم يحدث أن التجربة الفرنسية شهدت أى تخبط مثل الذى تعيشه أمريكا الآن!

وباختصار، فإن تراجع الجمعية الوطنية عن إقرار مشروع الأمن الشامل، ليس هزيمة، ولكنه إيمان بقيمة الديمقراطية، والانصياع لإرادة المواطنين.. فليس من المعقول ولا المقبول إقرار قانون يثير غضب الجمهور، فما لهذا كانت البرلمانات فى البلاد الديمقراطية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا غالب ولا مغلوب لا غالب ولا مغلوب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 04:09 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

تخفيضات تصل إلى 50% في أحد المتاجر الكبيرة في 6 أكتوبر

GMT 05:21 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

الكشف عن مسببات جديدة تعزز من النوبات القلبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon