بقلم : محمد أمين
كنت أتساءل في الفترة الماضية أين عمرو موسى؟.. أين هو من قضايا السياسة الخارجية في ليبيا وإثيوبيا؟.. عمرو موسى ربما اختفى كرجل تنفيذى، لكنه مازال موجودا في ذاكرة الناس.. فحين كتبت عن مجلس الشيوخ، أرسل لى أحد الأصدقاء إيميلاً قال فيه: وأين عمرو موسى من مجلس الشيوخ؟.. فهو شخص جدير بهذا المجلس.. فقلت: بل أرشحه كمبعوث خاص للرئيس في إفريقيا.. وهو أجدر من ندفع به لإنجاز مفاوضات سد النهضة!
قضية النيل قضية وجود تخص المصريين جميعاً.. ويجب أن يتقدم كل من يملك مهارة من أي نوع لإنجاز هذا الملف دون استخدام القوة.. واكتشفت أن الإعلامى الصديق محمد على خير عنده نفس ما عندنا من الأشواق والتساؤلات والتقى عمرو موسى.. وقال الأخير كلاماً مهماً يمكن أن يقوله بحرية، ولا يستطيع وزير الخارجية أن يقوله.. خاصة حين تحدث عن الضوء الأخضر من القوى العظمى تجاه تركيا في ليبيا، وتجاه إثيوبيا في ملف سد النهضة!
الموقف في غاية الخطورة كما قال عميد الدبلوماسيين العرب، ويحتاج إلى مفاوض شرس وذكى مثل عمرو موسى، «ولا أقلل من قدر الحاليين»، فقد تولى وزارة الخارجية عشر سنوات، وتولى أمانة الجامعة العربية عشر سنوات أخرى، ومكانته الدولية والإقليمية معروفة، ويعرف كيف يفاوض الإثيوبيين.. وأظن أن هذا هو الوقت الذي يكون فيه عمرو موسى مبعوثاً خاصاً، وقد تذكرته من قبل حينما جاء رئيس الوزراء الإثيوبى ديسالين، كمبعوث خاص لأبى أحمد ليلتقى الرئيس.. إن استخدام الكفاءات هذا وقته من أجل مصر!
وعمرو موسى يعرف أن هذا التوقيت صعب.. ولذلك وجه رسالته للشعب كرجل سياسة، حين طالبه بأن يقف موقفا واحدا ومتحداً وصلباً إزاء التحديات.. واٌقول إن اللجان الحكومية لا تصلح وحدها في مثل هذه المناسبات، ولكن لابد من لجان قومية تضم كافة أطياف الشعب.. وأذكركم باللجنة القومية لاسترداد طابا، فقد ضمت نائب رئيس الوفد في ذلك الوقت الدكتور وحيد رأفت، القانونى الشهير.. ومعناه أنها لجنة شعبية قومية لا تمثل الحكومة وحدها، ونجحت بفضل تضافر قوى الشعب في مهمتها، وانتزعت طابا من يد إسرائيل!
إننى لا أبحث هنا للسيد عمرو موسى عن «عمل»، ولكن أطالب باستخدام كفاءته وقدراته كسياسى مخضرم، يمكن أن يدير هذا الملف بكفاءة واقتدار.. سواء على مستوى ليبيا أو إثيوبيا.. وليكن مستشارا سياسياً أو مبعوثاً خاصاً.. فالقصة ليست بصفة الرجل أو وظيفته، وإنما بإيجاد صيغة يمكن من خلالها أن يساهم بخبرته، لخدمة وطنه، فقد يكون أكثر حرية من الذين تكبلهم الوظيفة الرسمية!
أكرر إن قومية اللجنة مهمة جداً.. وضمها لشخصيات مثل عمرو موسى يجعل لها قيمة.. فلا هي لجنة حكومية ولا هي لجنة رسمية.. وإنما لجنة تمثل شرائح الشعب.. إن إثيوبيا التي تكايدنا يجب أن تعرف انها لا تتعامل مع الحكومة الحالية، ولكنها سوف تتعامل مع الشعب، وهو الأبقى، ولا يمكن أن تضحى بالشعب، أو تدخل معه في نزاع من أي نوع!