توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آخر الآباء المؤسسين

  مصر اليوم -

آخر الآباء المؤسسين

بقلم : محمد أمين

رحم الله الأستاذ عباس الطرابيلى شهيد الكورونا، وآخر جيل الآباء المؤسسين لمدرسة الوفد الصحفية.. نعم كان الوفد مدرسة فى الوطنية والحريات وحقوق الإنسان.. أتحدث عن الوفد حزبًا وصحيفة.. كما كان يحلو له أن يقول.. وربما كان الراحل الكريم يحب أن يرى ما أكتبه عنه فى حياته ولكنه فارقنا ولم أفعل، فقد كنت أخشى أن يعد ما أكتبه رثاء وهو مازال يملأ الدنيا كتابة وتنويرًا وحياة!.

وربما يستغرب البعض أن الأستاذ عباس كان يكتب فى أمرين وأجادهما، وهما التاريخ والطبيخ.. وكنت حين أسمعه يشرح أشعر بالجوع وأقول له، فيقول «ابلع ريقك».. رحم الله شيخًا من شيوخ الصحافة دافع عنها وتكيف مع كل ظروفها، وكانت آخر كلماته عن الرقيب الذى كان يقيّد الصحف فى عصر عبدالناصر.. حتى جاء السادات وألغى الرقابة وعيّن رؤساء التحرير رقباء، فنشأت الرقابة الذاتية!.

والتفسير عندى فى كتابته للتاريخ والطبيخ أنه كان يهرب حتى تعدى الموجة.. ونحن نعرف أن الصحافة عاشت موجات سياسية وتأثرت بها.. وقد كنت أتكلم معه فى الفترة الأخيرة بين وقت وآخر كنوع من الاطمئنان أو الاستئناس برأيه، فيقول أنا تركت لكم السياسة وذهبت للتاريخ لأكتب براحتى!.

وكنت أقول له والتاريخ كله سياسة، فيقول تستطيع أن تتحايل يا مولانا وتقول كل شىء.. وأعترف بأنه كان ذكيًا ليّنًا يعرف كيف يتعامل مع الناس والأحداث، دون أن يعكر صفو حياته شىء، وكنت أفكر فيما يفعل وأتوقع له أن يعيش طويلًا، لأنه لا يحمل فى نفسه شيئًا، ويأكل ما يشاء!.

ولا أنسى حين كتب مقاله صبيحة وفاة فؤاد باشا «مات الباشا عاش الوفد»، وكان معناه أن نفكر فى الوفد، وكان أول من انحاز إلى الدكتور نعمان جمعة، فانفرد برئاسة تحرير الوفد، بعد أن كانت رئاسة الوفد مشاركة مع الكاتب الراحل سعيد عبدالخالق.. الذى أقاله الدكتور نعمان فى أول يوم لفوزه برئاسة الوفد.. وعبر الوفد من أزمته الطارئة، وجمع الأستاذ عباس شباب الوفد حوله، وأحسسنا بروح الأسرة، فالرجل يكلم بيته وأولاده أمامنا، ويطلب بعض الطعام من البيت القريب منا، ويقدمه للحضور بلا استثناء!.

وكان ينتهز أى فرصة ليشرح لنا فكرة تأسيس الوفد، ولماذا مكّنه الباشا من الإشراف المالى والإدارى على الصحيفة؟.. وكان أمينًا على أموال الوفد، يقتصد فى صرفها كدمياطى.. ومات الباشا والوفد له ودائع كبيرة فى البنوك.. وكان الاقتصاد عند «الطرابيلى» يرتبط بحياة الناس، ويذهب إلى سوق سليمان جوهر ويرجع يكتب عن الطماطم والبطاطس وكنت أسأله عن ذلك، فيقول: الصحافة هى ما يهم الناس، وظل على هذا المفهوم حتى آخر أيام حياته.. يهتم بالأسعار والدولار، ويرى أن الصحافة الإنسانية والاجتماعية ممكنة، ويكتب عن المطبخ ببراعة لافتة لجمهور قرائه من النساء!.

ونجح فى إيجاد مساحات أخرى له ككاتب يومى، خارج الإطار المعروف فلجأ إليها، كلما علت الموجة ذهب إلى التاريخ والمطبخ!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آخر الآباء المؤسسين آخر الآباء المؤسسين



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon