بقلم : محمد أمين
أسوأ تليفون تستقبله فى يومك هو الذى يطلب منك صاحبه فرصة عمل.. خاصة إذا كنتَ كاتبًا فى صحيفة كبرى مسموع الرأى.. مضى زمن كان الكُتاب فيه يدبرون باتصالاتهم مع الوزراء والمسؤولين فرص عمل للشباب، حسب تخصصاتهم، وكانت الحكومة تتفاعل.. الآن أصبح الكاتب بلا صلاحيات، والحكومة بلا قدرة على الفعل.. والدنيا قفلت مرة واحدة.. الغريب أننا نسمع أرقامًا عن فرص العمل التى توفرها الحكومة، ولا نراها.. ومنذ أيام، قرأ الناس فى القليوبية تصريحًا للمحافظ عن وجود أربعة آلاف أو خمسة آلاف فرصة عمل، وانهالت التليفونات دون أن أدرى!
وأمس، سمعت عن انعقاد مجلس وزراء مصغر فى الشارع لمتابعة مشروع حياة كريمة وتوفير فرص عمل للشباب.. وأنا هنا أقول: أين المصانع التى أتاحتها الحكومة فى المشروعات القومية؟.. وأين فرص العمل ومَن يحصل عليها؟.. هل هى فرص عمل خدمية أم إنتاجية؟.. وهل وضعت الحكومة فى اعتبارها خريجى الجامعات أم خريجى الدبلومات الفنية؟.. مع العلم أن هناك محافظات مثل القليوبية لا توجد فيها مصانع، وليس لديها ظهير صحراوى.. ولم يدخل أى مصنع فيها الخدمة على امتداد سنوات.. إن الشباب لا توجد لديه مشكلة فى عمل أى شىء.. ولكن أين هذا الشىء أصلًا؟!
عندنا شباب جامعى خريج لغات وهندسة وصيدلة وآداب لا يعمل منذ أن تخرج منذ سنوات.. وعندنا مؤهلات متوسطة لا تعمل، حتى فى الزراعة، فلا توجد مزارع ولا مصانع.. وأغلقت الحكومة الباب فى وجه الشباب بالضبة والمفتاح.. افتحوا الباب للتوظيف أهم من تنظيف البيوت والترع، وعلى رأى سيدة ريفية تقول: «وظِّفوهم، وهم مَن يقومون بتنظيف البيت والترعة على حسابهم، وعلِّموهم الصيد ولا تعطوهم السمك».. إن الشباب لا يريد دهان واجهات المنازل، ولكنه يريد مصانع ومشروعات صغيرة.. امنحوهم تمويلات مُيسّرة للعمل والإنتاج!
بالتأكيد، تبطين الترع مشروع قومى مهم لا غنى عنه، وله آثار بعيدة.. ولكن أهم منه بناء المصانع الصغيرة للتشغيل.. الشباب حين يعمل يكفينا شره وينشغل بعمله عن أى شىء آخر.. ويكفى بيته وأولاده.. خاصة أنه فى سن العمل والقدرة على الإنتاج، ولا يصح أن يبدد طاقته فى النوم والجلوس على المقاهى!
سامحونى حين أقول إننى لا أستطيع مساعدتكم.. الوزراء اليوم غير وزراء زمان.. الظروف اليوم غير ظروف زمان.. ربنا يستر والناس تحتفظ بوظائفها على الأقل، وهذا السؤال مباشرة لرئيس الوزراء: كم شابًا وجد فرصة عمل خلال عام، وما طبيعة ذلك العمل؟.. وبأى طريقة تم توزيع فرص العمل؟.. هل هناك مسابقات أم يتم توزيعها دكاكينى؟!
وأخيرًا، أعرف أن الناس لها عشم فى كُتابها وتلاحقهم بالتليفون والإيميل والماسنجر، وهذه صرخة للحكومة لأن الناس تترك بياناتها فى رقبة الكاتب وتمضى، مرات تتصل ومرات تخجل وتتوقف.. ولكنها تظل تؤلم الكاتب فى يومه ونومه!.