بقلم : محمد أمين
من القرارات التى تحظى عندى بالاهتمام والتقدير قرار وزير التنمية المحلية بحظر البناء لمدة 6 أشهر، ويقضى القرار الوزارى بوقف إصدار تراخيص جديدة، خاصة بأعمال البناء أو التوسعة أو التعلية أو التعديل وتدعيم المساكن، لحين التأكد من توافر الاشتراطات والجراجات فى القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات!
وهى خطوة تأخرت كثيراً جداً، وما كان لها أن تكون حقيقة لولا أن الرئيس طالب الوزارة والمحافظين بضبط عملية البناء وإزالة المخالفات وتقديم المخالفين للمحاكمة، وعاتب المحافظين بأن عملية الإزالة تتعرض لإزالة البلكونة وتسجيلها إزالة.. مع أن المبنى كله مخالف، ثم يعود البناء للحياة من جديد!
كلام الرئيس أثبت أنه يعرف جيداً ما يحدث فى المحليات ويتلقى تقارير حقيقية لما يحدث فى الأحياء السكنية من فساد بالاتفاق مع الحى.. وحذر بلهجة شديدة من أننا لن نجرى وراء العشوائيات، وهو يعرف أن الأحياء سبب فيها.. وقال إن ضبط المخالفات لابد أن يعنى تقديم المخالفين للمحاكمة!
والغريب أن ذلك لا يحدث فى الواقع، لأن الأبنية التى يجرى بناؤها بالمخالفة تجرى بأسماء مستعارة لواحد اسمه «الكحول».. وفى الغالب هو البواب أو الغفير الذى لا يعرفه أحد، ويسجل بلا أى عنوان.. ونسيت الدولة أنها تتعامل مع المخالفة نفسها، وهذه العمارة لها أصحاب يعرفهم مهندس الحى!
وبالتأكيد لا أتحدث عن الغش فى مواد البناء من الحديد والأٍسمنت لصناعة المسلحات.. ولكن الغش والتهرب فى وضع أسماء الكحول وغيره فى الكهرباء والغاز والمرافق.. ولو حدثت أى مخالفة فإن أجهزة الدولة تدوخ فى البحث عن الكحول وهو يجلس أمامهم للأسف!
وقد قال الرئيس لو تطلب الأمر تعديلا تشريعيا نعمله.. وكان يوجه كلامه لرئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب.. وأتمنى أنه يقصد مصادرة المبانى أو تقديم المخالفين أصحاب المبانى الحقيقيين للعدالة.. فكل مخالفة بالتأكيد وراءها واحد من الحى مستفيد، سواء رئيس الحى أو المهندس، وعندنا أحياء فاسدة ومعروفة بالاسم.. وكل مرة يتم تعيين رئيس حى يتم ضبطه وحبسه، كأنه حى الرشوة!
والقصة ليست فى حظر البناء ستة أشهر أو سنة.. القصة فى تطهير الأحياء من الفساد، فالمحافظ الذى يرى إقامة عمارة عليه أن يراجع التراخيص وسيكتشف أن مهندس الحى أعطاها الموافقة.. مهم أن نوقف عملية العشوائيات فى بلادنا!
لقد بذل الرئيس، بكل أمانة، جهداً عظيماً فى إزالة العشوائيات التى تآلفنا معها عدة عقود، ووفر لهم أماكن بديلة، ولا يصح أن نظل فى عشوائيات إلى الأبد بسبب مهندس فاسد أو مرتش.. والحل ليس ضبط المسؤول فقط، ولكن يجب تجريده من كل أملاكه، ومصادرتها، وتقديم اعترافات كاملة بكل الفساد الذى تورط فيه لا استكمال التحقيق مع مقدمى الرشوة.. مصر لازم تنضف من الفساد أولاً!