بقلم : محمد أمين
الخطوة الرئاسية لتطوير الريف أقل ما يُقال فيها أنها خطوة شجاعة، وأنها خطوة آدمية ولا تُشعر المواطن هناك بأنه درجة ثانية.. عرفنا حكومات سابقة لم تنظر إلى الريف إلا من خلال إصدار قرارات بمنعه من دخول القاهرة لتقليل الزحام، ولم تفكر بمنح الريف مزايا على مستوى الخدمات والتشغيل.. وجاء الرئيس ليؤدى المهمة ولكن بطريقة مختلفة.. وهى توفير الخدمات وتطويرها ومد شبكة الطرق وتوفير فرص العمل، وإنشاء المدارس والملاعب.. ورفع كفاءة القرى لتكون حاضنة لأبنائها وليست طاردة لهم. وبالتأكيد فإن المواطن الذى يجد مسكنًا مناسبًا وفرصة عمل لن يذهب إلى العاصمة التى استأثرت بالخدمات والمركزية فى كل شىء
كان هناك شعور دائم ومرير بأن المواطن فى الريف يدفع الضرائب ولا يحصل على الخدمات.. الآن أصبح الشعار «خليك عندك إحنا جايين لك»، ورأينا الرئيس يتابع الموقف بنفسه، ويشرف على اجتماعات الحكومة للتنسيق بين الوزارات المختصة.. ومنها الاجتماع الذى جرى منذ ساعات وحضره عدد من الوزراء ورئيس الوزراء، لمتابعة تفاصيل تنفيذ المشروع القومى!
وحين يطلق الرئيس على مشروع تطوير الريف بأنه مشروع قومى، فهذا معناه أنه لن يتركه حتى يكتمل، وهى إشارة إلى الوزارات المختصة بأن الرئيس سوف يتابع بنفسه.. وهى إشارة أيضًا بأنهم لن يخرجوا من هناك إلا بعد استكمال المشروع، وساعتها سوف نرى الترع وقد أصبحت جاهزة لضخ المياه إلى الأطراف حتى نهايات الترع، وليس «مقلب زبالة» كما هى الآن.. فقد كانت وزارة الرى تقوم بالتطهير فعلاً ثم تلقى ناتج الحفر والتطهير على جانبى الطريق فتتركه الوحدات المحلية ينقل الأمراض ويسد الطرق على الناس.. الجديد فى الأمر أنه سوف يتم تبطين الترع وتجهيزها حتى يتم القضاء على الفاقد فى المياه، وهى قضية حياة أو موت!
وأرجو ألا تخرج الحكومة من الريف إلا وقد أصبح فى كل قرية مجلس أمناء يكون شريكًا للإدارة المحلية فى الحفاظ على ما تم إنجازه، مادمنا بلا مجالس محلية.. وأرجو ألا تكون مجالس شكلية ولكن مجالس كفاءات تحافظ على القرى، ولا تكون عائقًا لجهة الإدارة.. وساعتها تكون العملية شراكة بين الحكومة المحلية والشعب، فتشيع ثقافة المشاركة، وتعمل الحكومة حسابًا لهذه المجالس حين تقطع الأشجار أو ترصف الطرق أو تُنشئ المصانع الصغيرة أو مشروعات التنمية!
بالتأكيد لا نريد تطويرًا شكليًا ولكنها فرصة لعودة القرية المنتجة لتوفر الغذاء لأبنائها وتحافظ على المجارى المائية ومنتجات القرية.. وفرصة أخرى لعمل مسابقات بين القرى على مستوى كل وحدة محلية، وتكريم القرية الفائزة، وإلا سوف تصبح عملية التطوير إهدارًا للملايين فى غير داعٍ!
باختصار، لم يذهب الرئيس إلى الريف ليغير شكله فقط، ولكن ليغير شكله ومضمونه.. وبالتأكيد فإن هذا التطوير يتطلب عقلية منتجة ومبدعة ستستنفر طاقات أبناء الريف، وتستغل قدرتهم على الإبداع والمعرفة، فنصبح أمام نهضة كبرى لا مجرد رصف طريق أو تطهير ترعة!.