بقلم : محمد أمين
عُدنا بعد فاصل قصير وسريع من إجازة عادية طبيعية بإرادة كاملة.. «ويك إند» فى الإسكندرية.. رغم كل التحذيرات من سقوط أمطار ورياح مثيرة.. قضيت يومين فى الإسكندرية، أجمل مدن العالم الساحلية.. كنا قد رتبنا مع زملاء الدفعة لقضاء إجازة فى الإسكندرية بعد انتهاء المصيف.. وجاءت «الأرصاد» لتحذر من نَوّة المكنسة، وهى تأتى فى أعقاب موسم الصيف.. ومع ذلك كان القرار «ولو».. وذهبنا نتحدى النَّوّة وتحذيرات الأرصاد، ولم يحدث أى شىء.. كان الجو رائعًا بعد مطر خفيف.. وركبنا الأتوبيس المكشوف فى الدور الثانى.. وعشنا ساعات رائعة.. رأينا أجمل مدينة وأجمل بحر، ومشينا على الكورنيش، وأكلنا الآيس كريم فى الشتاء.. وهو فى الشتاء أكثر جمالًا!
بدَت الإسكندرية كأنها تحتفل بنا، وسقط المطر ليغسل وجه المدينة قبل وصولنا، وسطعت الشمس كأنها ترحب بضيوف المدينة.. وذهبنا فى اليوم الأول إلى أبوقير.. سمك أبوقير لا يعلو عليه سمك.. وفى اليوم الثانى ذهبنا إلى قلعة صلاح الدين.. وكأننا نريد أن نحولها إلى رحلة ثقافية.. وليست رحلة ترفيهية فقط.. وركبنا الترام العتيق بناء على رغبة الزملاء وتوجهنا إلى محطة الرمل.. كأننا لا نريد أن ننسى شيئًا من ذكرياتنا القديمة.. حالة لهفة وحالة عشق فى وقت واحد!
وانطلق الأتوبيس يصدح بأغانى «شط اسكندرية يا شط الهوى» ونحن نسرح، ونمر على الكورنيش الذى لم ينقطع من المارة، بعضهم يجرى، وبعضهم يركب العجل، وبعضهم يملأ رئتيه بالهواء النقى منذ الصباح.. لم يعد الكورنيش لعابرى السبيل، ولكنه أصبح للمنشآت الخاصة والعامة تمنع المارة من الجلوس، وتمنع الناس من النزول للبحر، كما يحدث هنا فى القاهرة على كورنيش النيل!
الإسكندرية ليست الكورنيش فقط، كما تصورت الأجهزة المحلية.. فقد ركبنا الترام ورأينا الشوارع الخلفية ورأينا الإهمال.. المخلفات وأكوام القمامة، وبجوارها سيارات الأحياء والمحافظة.. المهم المأمورية تمام.. ولم نشأ أن نعكر مزاجنا بالنقد والعمل الصحفى..!
حتى عندما جلسنا على مقهى فى كامب شيزار، وكان بعض رواد المقهى يتحدثون عن الانتخابات، لم نلتفت ولم نعكر مزاجنا بأى مناقشات.
السؤال: كيف وصلنا إلى هذه الحالة من اللامبالاة؟.. هل نستحق العرض على طبيب نفسى؟ أم أننا ننفذ وصية طبيب نفسى بألّا نضغط أعصابنا؟.. أصعب شىء فى هذه المرحلة أن تتعرض للإصابة بضغط الدم.. النصيحة هى: الإجازة إجازة.. والصحفيون لا يعرفون الإجازات.. وهذه أول إجازة منذ 12 عامًا.. إجازة حقيقية من العمل ومن الكتابة، حتى تساءل بعض الأصدقاء: أين أنت؟.. وأين مقال اليوم؟.. العادة اليومية تنكسر طوعًا أم كرهًا؟.. كانت الإجابة إجازة سريعة وخاطفة حتى تنتهى الانتخابات!
كيف تأخذ إجازة رغم الأحداث؟ وتصريح ترامب عن ضرب السد الإثيوبى، وما حدث فى البنك التجارى وإقالة هشام عز العرب.. هل كانت الإجازة تحدث فى أيام الانتخابات؟ هل يختفى العمود اليومى فى الأحداث الساخنة، ولو كان بإرادة كاتبه؟!