بقلم : محمد أمين
هذا المقال تسجيلى أكثر منه أى شىء آخر.. فسوف تمر الأيام ويرجع الناس والمؤرخون إلى هذه الأيام ليجدوا أنه تم استدعاء الشرطة عام 2020 لدفن مصاب كورونا فى مدفنه بمدافن الأسرة، بعد النزاع والاشتباك بين الأهالى لعدم دفنه.. حدث ذلك فى كفر الدوار بإحدى قرى المركز، وأصبحت كفر الدوار تريند على تويتر!
فلم تكن كفر الدوار تحلم بأن تكون تريند على تويتر.. فجأة أصبحت حديث المدينة.. الغريب أنه لا هناك بطولة ولا اختراع ولا عمل إنسانى.. إنما تصدرت كفر الدوار قائمة تريندات تويتر لأن أهالى إحدى القرى رفضوا دفن أحد ضحايا كورونا.. والقصة أن والد أحد أطباء الحجر الصحى أصيب بكورونا وكان يقيم فى الإسكندرية فتم نقله لمستشفى الحجر الصحى بالعجمى، فلما مات كان القرار أن يعود إلى قريته حيث يدفن فى مدافن الأسرة، وهنا رفض أهل القرية باعتباره معدياً.. وكأن المتوفى «نفايات نووية»!.
عيب يا كفر الدوار!. فمن الذى علمكم المروءة؟.. ومن الذى علمكم الجحود وقت الوفاة؟.. وما معنى رفض دفن الميت فى مدفنه الخاص؟.. فهل يدفن فى مقابر الصدقة بالإسكندرية؟.. وما الذى يضير الموتى من دفن ميت حديث مصاب بكورونا؟.. أو حتى بالسرطان؟.. وما رأيكم بعد دفنه غصباً عنكم تحت حصار الأمن المركزى؟.. هل أصبح الدفن مباحاً، أم أنه الجبن وسوء التقدير؟.. كيف تردون الجميل لطبيب بهذه الطريقة؟!
أين حرمة الميت، وأين مراعاة شعور الطبيب الذى يتحمل الخطر ليعالج من لا يعرفهم أصلاً؟.. ولم يطلب منكم أحد تغسيله ولا تكفينه، أين الرحمة وإكرام الميت دفنه؟.. من قال إن الكورونا لا تدفن فى مدافن القرى؟.. ومن قال إن الكورونا جريمة أو عيب؟.. لا أتخيل ما حدث. لقد كنا فى البلاد والقرى نتسابق لدفن من ليس له مدفن ونعتبر ذلك من المكرمات التى ينبغى التحلى بها، فما بالكم بمن يمنع متوفى من الدفن فى مقابر الأسرة، تحت أى ذريعة كانت؟!
أستغرب أن أكابر البلاد لم تعد لهم كلمة مسموعة.. أين العمد والمشايخ وأصحاب الرأى فيكم؟.. أين النواب والمحليات؟.. أين كبار المتعلمين؟.. وأين مشايخ القرية؟.. كيف يتم استدعاء الشرطة لدفن ميت فى مدفنه الخاص دون اعتداء على أحد؟.. هل اعتبروه غريباً لأنه عاش فى الإسكندرية؟.. هل كان يجب أن يدفن فى الإسكندرية ولا يعود إلى مسقط رأسه؟.. كيف فكر «الرافضون» بهذه الطريقة المستفزة للأعصاب؟!
اتركوا الشرطة تحمى الجبهة الداخلية من فيروسات البشر والإرهابيين.. اتركوا الشرطة تقوم بواجباتها الأساسية فى مواجهة الجرائم، ولا تشغلوها بتفاهاتكم.. اتركوا الشرطة تتفرغ لملاحقة الإرهابيين الذين يستغلون وقت الحظر، ولا تشغلوها بنزاعات تافهة لا معنى لها.. اتركوا هذا الطبيب وغيره يخدمكم ولا تشغلوه بمعارك جانبية وهو على جبهة القتال للدفاع عنكم من وباء الكوورنا.. عيب عليكم!.