بقلم : محمد أمين
الإحساس بالمسؤولية شىء، والإحساس بالأنانية شىء آخر تماما.. وقد أشرت فى مقالى أمس إلى أنانية أولياء الأمور.. واستغربت من الذهاب مع أبنائهم إلى الامتحانات ومناقشة طريقة الحل، وربما اختيار الكليات والتخصصات بعد ذلك، واندهشت من هذا الاهتمام غير المبرر، إلا أنه أنانية وحب التملك.. وانتهيت إلى أن هذه الحالة لا تصنع رجالاً مرموقين، وإنما تصنع إمعات لا تصنع مستقبلاً، وإنما تحتاج إلى الآباء فى كل خطوة من الدراسة إلى الزواج وتربية الأبناء.. باختصار نساهم فى تقديم «جيل لا يعيش بدون ببرونة»!
وهذا أحدث استطلاع نشره اليوم السابع، أمس، يشير إلى أن 91% من القراء يؤيدون حظر تواجد الأهالى أمام لجان الثانوية العامة المقترح، فيما رفض 9% فقط من المشاركين منع التواجد أمام اللجان، فهذه التجمعات تساعد على انتشار الفيروس من جهة وتشكل عبئاً نفسياً على الطلاب من جهة أخرى، وكان المفترض أن تتعامل أجهزة الأمن مع هذه التجمعات لفضها، ومنع وصولها للجان أمام المدارس!
وأعرف أن الأجهزة الأمنية كانت تخشى من حدوث حالة فوضى يمكن ترجمتها خطأ، وإرباك مشهد الامتحانات، وإحداث ذعر أمام اللجان.. وهو أمر فى غاية الحساسية بالنسبة للطلاب الذين قد يشعرون بالقلق على أولياء أمورهم.. فماذا نفعل أكثر من التحذير لعدم تجمع الأهالى أمام اللجان؟.. وماذا تفعل الوزارة وقد نبهت بعدم الذهاب إلى اللجان لمنع التجمعات؟!
وأتساءل: أليس هؤلاء الذين كانوا يعملون هاشتاجات ويقولون: «أبناؤنا أهم من الثانوية»؟!
لماذا لم يجلس هؤلاء فى بيوتهم، ويرحموا أبناءهم من الضغط العصبى؟.. هل طلب الأولاد من آبائهم وأمهاتهم الذهاب معهم لأنهم يطمئنون بوجودهم معهم؟!.. على أى حال فقد تمت الامتحانات فى موعدها ولم يلتفت أحد إلى هاشتاجات وخلافه.. فالذين كانوا لا يريدون انعقاد الامتحانات هم أنفسهم الذين يريدون أن نترك ليبيا للسلطان ونحارب فى إثيوبيا.. وهم أنفسهم الذين يفرحون فى مصائبنا، وكانوا يتعجلون أن تصيب الكورونا جموع المصريين!
نريد أن يفهم أولياء الأمور أننا نمتحن الطلاب ولا نمتحن أولياء الأمور، وأن الطلاب هم الذين سيدخلون الجامعة وليس أولياء الأمور.. هذه حالات مرضية ينبغى أن تمر على الطبيب النفسى أولاً.. معلوم أن هناك أهالى لم تتحقق آمالهم فى حياتهم، ويريدون أن يحقق أولادهم أحلامهم وأمنياتهم.. ولذلك قلت إنهم يسلبون بأنانية حقهم فى النجاح ويسلبونهم حقهم فى اختيار الكليات التى يحبونها والتخصص الذى يحبونه، ومضوا فى طريق يحبه آباؤهم!
أحد الوزراء قال بنفسه فى برنامج تليفزيونى إنه دخل قسم علمى تلبية لرغبة والده، وكان يريد أن يدخل «أدبى»، ودخل كلية الطب على خلاف رغبته، ولكن تلبية لرغبة أبيه، والآن أصبح وزيراً ضد رغبة الشعب للأسف!.