بقلم : محمد أمين
قرأت أنه تم تعيين 25 ألف موظف حكومى فى العام الماضى 2019.. فمن هم هؤلاء المحظوظون الذين فازوا بوظائف الحكومة؟، ومن هم أصحاب الوساطات؟.. وما خريطة توزيع هذه الوظائف بالضبط؟.. من حقنا طبعًا أن نسأل رئيس الوزراء.. فالرجل دائما يقول إنه لا توجد وظائف.. وإن الجهاز الحكومى ينبغى أن يكون أقل من السدس.. فالجهاز الإدارى يتضمن ستة ملايين موظف، مطلوب منهم مليون واحد فقط.. هذا كلام نحفظه عن ظهر قلب من كثرة ترديده (!).
وبالتالى، فإن تصفية الجهاز الحكومة ليست شائعات مغرضين أو أعداء متربصين، ولكنها حقيقة مؤكدة.. فهل يقول رئيس الوزراء كلامًا ويفعل غيره؟.. وكيف وافق على دخول 25 ألف موظف فى عام واحد؟.. وأرجو ألا يتم تفسير ما جرى على أنه من قبيل دعم الشباب.. هناك ألف طريقة أخرى تقدمها الدولة ممثلة فى السيد الرئيس لدعم الشباب، ليس من بينها اصطفاء البعض دون قواعد قانونية شفافة!.
والمثير للدهشة أن الحكومة لم تصدر أى بيان يتحدث عن توفير فرص عمل للشباب، ولم تطرح أى مسابقة لهذا التعيين «السرى».. إلا إذا كانت «تدكن» هذه الوظائف للموعودين والمحظوظين.. فقد صدعتنا بمسابقة المعلمين بالحصص، ولم نعرف ماذا جرى فيها حتى نهاية العام الدراسى؟.. كم منهم قبلوهم وكم منهم رفضوهم.. فقد انتهى زمن القداسة لكلام الحكومة!.
والآن، أتحدى أن يخرج رئيس الوزراء فيقول: لقد تم تعيين ألف موظف فى دولاب الدولة، وأتحدى أن يكشف لنا عن حجم الوساطات ووزنها.. فحدود علمى أنه لا يحب الوساطات، ولا ما يقرب إليها من قول أو عمل!.. فمتى حدث هذا التحول؟.. ومن هم الذين مارسوا عليه الضغوط؟.. وأين تم توزيع هؤلاء الشباب من أصحاب الحظ دون غيرهم من أصحاب الحاجات للعمل؟.
إن هذا الملف كفيل بأن يطعن فى ذمة الحكومة كلها.. لأن الشباب تم تعيينهم فى جميع الوزارات.. ومعناه أن الوزراء شركاء متضامنون فى ارتكاب المعصية.. ولو كان لدينا برلمان يحاسب الحكومة، فهذا استجواب كفيل بإسقاطها.. فكل نائب يمكن أن يجمع عشر طلبات تعيين ويقيم استجوابًا كاشفًا لطبيعة الفساد.. المهم ألا يسحب النواب طلب الاستجواب أو يتغيبوا يوم مناقشة الاستجواب، كما حدث مع استجواب وزيرة الصحة.. نحن أمام إهانة من الحكومة للبرلمان، وإهانة من البرلمان للشعب!.
وباختصار، فالاستجواب ليس عيبًا ولا حرامًا، ولا خروجًا عن النص فى مصر.. فقد مارس البرلمان الحق فى الاستجواب على امتداد تاريخه ولم يحدث أى شىء، فكيف تحرّمون حلالًا دستوريًا؟.. وكيف تكتمون الحق وأنتم تعلمون؟. فينبغى ألا يمر موضوع التعيين «السرى» مرور الكرام أبدًا!.