بقلم : محمد أمين
مصر لا تحارب ولكنها فى حالة حرب.. ومن المنطقى أن الدولة التى تكون فى حالة حرب تكون الجبهة الداخلية فى حالة تماسك واستقرار لدعم المجهود الحربى، وطبقًا لما ذكرته ويكيبيديا فإن مصطلح جبهة داخلية هو مصطلح يشير إلى القوة المدنية الشعبية للدولة أثناء حالة الحرب، إذ تمثل النشاطات الداعمة للمجهود الحربى عاملا مساعدا لتحقيق النصر فى جبهات القتال، وقد حققت الجبهة الداخلية فى الحرب العالمية الثانية عاملا موثرا فى انتصار الحلفاء أمام دول المحور، بعد أن تمكنوا من حشد القوة المدنية لدعم المجهور الحربى!.
لذا فمن غير المعقول أن يكون المجتمع المصرى فى حالة قلق على يومه وغده، بسبب ما أشيع عن هدم المساكن أو التصالح بشأنها أو قطع المرافق عنها.. وهو أمر أشفق على الدولة منه حاليًا.. فلا حديث فى كل تجمع إلا عن العمارات التى يسكنون فيها، إن كانت مخالفة أو غير مخالفة.. وكان الثابت أن العمارات التى تدخلها المرافق فإنها علامة على صلاحيتها «رسميًا» ومراجعتها «قانونيًا» وحصولها على «مصالحات» حتى دخلها الغاز والمياه والكهرباء.. فكيف يتحرى طالب السكن عن عقار حصل على كل هذه الموافقات؟!.
والسؤال: كيف يعيش كل هؤلاء فى جو من الخوف بسبب الكلام عن التصالح والهدم والبناء؟.. الأكثر مرارة أن الساكن هو المطالب اليوم بدفع قيمة التصالح، وليس المقاول، إن كانت شقته مخالفة وهو لا يعرف.. أو تقطع عنه المرافق.. هل هذا معقول؟.. كأن الأمر أصبح تحصيل المليارات من طبقات متوسطة ومعدمة أحيانًا حتى تعيش فى أمان.. فمن الذى فكر فى هذا القانون؟.. وهل يصح دستوريًا تطبيق أى قانون بأثر رجعى؟!.
زمان كانت الدولة تتردد، لدواع أمنية، فى تنفيذ أوامر الهدم والإزالة.. وكان يحلو للبعض أن يسميها الدولة «الرخوة» فشاعت العشوائيات والمناطق السكنية غير الآمنة.. والآن جاءت الدولة لتصلح ما أفسدته دولة الفساد أو الدولة الرخوة لتؤكد «هيبة الدولة»!.
وأعتقد أن فرض الأمر بالقوة كما يحدث الآن يعرض المجتمع لحالة من الخوف والاضطراب نحن فى غنى عنها الآن، حتى يتحقق الاصطفاف خلف الدولة فى معركتها للدفاع عن الأمن القومى.. مهم إيجاد حالة توازن بين هيبة الدولة ومصالح الناس.. فلا يطبق القانون بأثر رجعى عليهم.. كما أن التصالح يتم بطريقة تسمح للناس بالحياة وليس بأن يشتروا الشقة من جديد.. أٌقول هذا لدواع أمنية يجب أخذها فى الاعتبار!.
وأخيرًا، أضع هذه السطور بين يدى الرئيس.. فالجبهة الداخلية مهمة، وتوقيتات التعامل معها مهمة للغاية.. فلا يصح الأخذ بنصيحة «أحادية الجانب» فى التعامل مع مشكلة عمرها عقود، فلماذا نتخلص منها اليوم مرة واحدة، بحجة تأكيد هيبة الدولة؟.. إننى أنصح بالتعامل الذكى مع ملف المخالفات، ولا أريد أن ترتعش يد الدولة، ولا أريد أن يرتعش المواطن أيضًا، فالدولة تحمى المواطن ولا تستأسد عليه أبدًا!.