بقلم : محمد أمين
كانت قضية التموين والتلاعب فى الأسعار قضية أمن دولة، وكان المتهم يُقبض عليه فورًا، فلم نكن نسمع عن تلاعب فى التموين ولا رغيف الخبز.. ورغم أننى لا أحب التعامل فى القضايا الاقتصادية بطريقة بوليسية، فإننى لا أخجل من طلب معاملة المتلاعبين فى الأسعار بطريقة بوليسية وتقييد القضية «أمن دولة»، بحيث يُحبس صاحبها وتُسحب رخصة مزاولة التجارة منه، لأنه غير أمين!.
وأنا أفضل هنا تعامل أمن الدولة فى هذه القضايا على تعامل مفتش التموين.. لأسباب كثيرة تعلمونها جيدًا.. وأعتقد أن النفى الذى أعلنه رئيس الوزراء عن عدم التلاعب فى الأسعار مع الزيادات الجديدة فى المرتبات والمعاشات يعنى أنه سوف يكلف بإدارة حملات مكثفة تقطع يد المتلاعبين، وتحمى المواطنين من التلاعب.. ولا مانع طبعًا من ضم الحملات مفتشين للتموين، بالإضافة إلى ضباط أمن الدولة ومباحث التموين!.
وأظن أن القصة لا تعنى النفى فقط، ولكن تعنى أن هناك إجراءات حكومية، يجرى اتخاذها لحماية المستهلك.. وأن تكليفات قد صدرت لجهاز حماية المستهلك بعمل حملات لمنع التلاعب، وليس الانتظار حتى يحدث التلاعب.. أقصد أن تكون هناك إجراءات استباقية، وليس بعدية.. ولكنها حملات قبل وأثناء وبعد.. ويتم وضع التسعيرة على السلع وضمان تطبيقها فعلًا، ويكون ضمن هذه الإجراءات فحص الملفات ومعرفة أسعار الشراء والبيع.. بهدف منع التلاعب والغش وضرب الأسعار.. فهل الحكومة قادرة على ذلك، وهل هذا هو معنى النفى الذى قطع به رئيس الوزراء؟!.
أود التأكيد أنه دون إجراءات حكومية وحملات تفتيش على أعلى مستوى من الأجهزة المختصة، سيظل المواطن لقمة سائغة للتلاعب من جانب التجار الجشعين.. والأجهزة فى مصر كثيرة، ولكنها لا تعمل بكفاءة.. عندك مثلًا جهاز تفتيش وزارة التموين، وجهاز مباحث التموين، وجهاز حماية المستهلك، وأمن الدولة أكثر هذه الأجهزة ضبطًا للسوق.. ولكن يبقى التنسيق بينها لضبط السوق لعدم التلاعب فى الأسعار وعدم استغلال المواطنين!.
لا أتحدث عن تسعيرة جبرية، ولكن عن إعلان الأسعار بوضوح حتى يتأكد الجمهور من وجود دولة تحاسب وتراقب وتحمى مواطنيها دون تجاوز القانون، ودون تعسف فى استخدام السلطة!.
وكل هذا يتم بالوعى من جانب المواطنين وقوة القانون.. كما أنه يمكن مقاطعة التجار الجشعين عن طريق الجمعيات الأهلية، فالأصل أنه لن يكون هناك عسكرى بجوار كل تاجر جشع.. إنما هناك مواطن واعٍ يحافظ على حقوقه ولا يشترى دماغه كما يُقال!.
أيضًا ينبغى أن تكون هناك أرقام تعمل، يمكن الاتصال بها، وإبلاغ المسؤولين وجاهزية المسؤولين للتفاعل مع الشكاوى بجدية لأن الجدية سوف تحقق عملية الردع.. ولا تسمع لمَن يقول: «حرام عليكم الناس بتاكل عيش».. نحن مع مَن يأكل «عيش» بضمير، وبما يُرضى الله.. وليس مع الجشعين الذين يبيعون ويشترون فى المواطنين!.
باختصار، نريد دولة قانون تحمى المواطن والتاجر وتوفر الاستقرار فى السوق.. فلا يعتدى التاجر على المواطن ولا يعتدى المواطن على التاجر!.