بقلم : محمد أمين
كما كانت مصر هى الكلمة الأولى فى كتب التاريخ لدى تلاميذ المدارس على مستوى العالم، فقد عادت مصر من جديد الكلمة الأولى فى عناوين الأخبار فى كل صحف العالم.. عندما أطلقت السفينة «إيفر جيفن» وحررتها من المجرى الملاحى للقناة، وعندما أطلقت كلمتها بخصوص السد الإثيوبى.. فقد أطلق الرئيس خطًا أحمر جديدًا على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى مع إثيوبيا، واعتبر ما تفعله إثيوبيا تهديدًا للأمن القومى المصرى، وقال إن مصر لن تفرط فى أى قطرة ماء، وإن المساس بأى نقطة ماء خط أحمر، وهى رسالة بعلم الوصول إلى كل دول العالم!
وإليكم بعض عناوين الأخبار فى صحف العالم: «نيويورك تايمز»: لقد كانت عملية الإنقاذ نقطة تحول فى واحدة من أكبر عمليات الإنقاذ فى التاريخ الحديث.. «سى. إن. إن»: المصريون نفذوا وعدهم بتحرير المجرى الملاحى الأهم فى العالم خلال ساعات.. «فاينانشيال تايمز»: تعويم السفينة الجانحة أدى لتراجع أسعار النفط.. «إندبندنت»: مصر سابقت الزمن لإنهاء أزمة السفينة الجانحة.. «بى. بى. سى»: القاهرة أنقذت العالم من صدمة تجارة دولية.. «سى. إن. بى. سى»: مصر تعود لواجهة العالم.. قناة السويس المجرى الملاحى الأهم.. «لوموند» الفرنسية: المجرى الملاحى الأكثر أهمية فى العالم فى أيدٍ كفؤة أمينة!
هذه شهادات دولية وليست عناوين الصحف المصرية.. وأتصور أن مصر ستكون فى عناوين الصحف فى الفترة القادمة أيضًا وتتحدث عن الخط الأحمر.. ولنا تجربة معه فى سرت/ الجفرة بليبيا.. ولم تقترب تركيا من الخط على الإطلاق.. ولم تقم حتى بأى مناورة.. وما أقوله ليس ترحيبًا بالحرب ولا الدعوة لها.. وأتمنى أن تتعقل إثيوبيا وحكامها، وتقدر حجم المسؤولية، وحجم الخطر، ولكن ما بأيدينا إذا فُرضت علينا الحرب؟!
فلا يمكن أن نظل فى حالة تفاوض للأبد كما يقول أبى أحمد، وما يقوله السفير الإثيوبى فى القاهرة.. قد دعا لمؤتمر صحفى أمس لم يحضره إلا عدد محدود لفت نظره فقال ماذا نفعل؟.. لقد اكتشفنا أن الصحفيين يأخذون معلوماتهم من مصادر غير دقيقة، ولا يعرف السفير أن الصحفيين توقعوا مماطلات جديدة فلم يذهبوا إليه.. وهو لم يقل شيئًا يجعل الذين امتنعوا يندمون على الغياب.. إنها دعوة جديدة للتفاوض وتضييع الوقت.. فماذا يفعلون؟.. هل كانوا يختبرون صبرنا؟ هل كانوا يراهنون على أن الملء الثانى سوف يمر كما مر الملء الأول؟!
باختصار أرجو ألا تُضطر مصر لتوجيه ضربة خاطفة ومُركزة على السد، وتتحول المنطقة إلى كتلة من اللهب، وهذه دعوة لإثيوبيا أن تنتبه، إذا خرج المارد من القمقم لن يكون وحده فى المعركة.. القصة لم تعد موضوعًا يمكن العبث به.. إنه نهر النيل.. وليت إثيوبيا تفهم قبل فوات الأوان، والكلام عن مفاوضات بلا نهاية