بقلم : محمد أمين
لا أنسى مقولة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وهو يوجه رسالة للعالم، يقول فيها: «تعالوا حجوا إلى مصر».. ولم يقل «زوروا مصر».. القصة لم تكن زيارة ولا سياحة.. إنما عقيدة وعبادة.. فمصر هى أرض الأنبياء ومسار العائلة المقدسة.. وقد تذكرت كل هذا وأنا فى سانت كاترين، أزور الدير وأقف أمام أيقونة السيد المسيح، وأصلى فى الوادى المقدس طوى!
فلا يوجد نص شريف يتحدث عن قيمة ثواب ركعتين فى الوادى المقدس طوى.. لكنى أظن أنها تساوى ثواب ألف ركعة، بمقدار ما تتركه فى النفس من سكينة واطمئنان وروحانيات.. دخلنا الدير بعد صلاة الجمعة.. وقفت فى كل ركن، ثم أمام الشجرة المقدسة.. دخلت المتحف الفريد، ووقفت أمام المئذنة والكنيسة، ثم تذكرت كلام السادات بأن يكون «مجمع الأديان»!
وكانت دعوة من اللواء خالد فودة، شيخ مشايخ العرب ومحافظ جنوب سيناء، تصورت أننا سنتوجه إلى شرم الشيخ، ثم نذهب إلى سانت كاترين.. وفوجئت أننا نهبط فى مطار كاترين، الذى تم تجديده بشكل رائع، وإن كان يستحق أن نوليه عناية ورعاية أكبر، لأن الوضع الحالى يشبه غرفتين وصالة وعفشة مياه، وهو لا يواجه الإقبال الكبير على سانت كاترين!
وسانت كاترين ليست مكاناً للسياحة، لكنها مكان للعبادة والحج، وينبغى تسويقها على هذا الأساس.. نجح اللواء خالد فودة فى رفع كفاءة المدينة.. وأصبح كل شىء فى مستطاع الزائر، بحيث لا يفقد أى شىء من روحانيات المكان.. وما هى إلا ساعات حتى كنت على باب الدير.. أخطو بهدوء.. أتأمل كل شىء.. وأنظر إلى الجبل الذى كلم سيدنا موسى عليه ربه!
فجأة أصبحت مع الله.. أناجيه وأقرأ القرآن وأدعو وأصلى.. السفراء الأجانب فى حالة عشق.. لا تسمع أصواتهم.. ضيوف الدير يتهامسون ولا تسمع أى صخب أو ضجيج.. حالة من الحالات الروحانية النادرة، التى نفتقدها هنا فى القاهرة.. وبالفعل كانت فكرة نبيلة أطلقها المحافظ «هنا نصلى معاً».. وبدأت الأحلام والطموحات والأفكار لدعم ملتقى التسامح!
تغير شكل المكان، حين انتقل المحافظ من شرم إلى سانت كاترين والطور، وغيرها من مدن الجنوب.. لم تعد القصة شرم الشيخ.. ولم تعد نعمة باى، وسوهو سكوير.. أصبح يقيم فى فنادق ذات النجمتين حتى يؤسس لمحافظة عصرية، فيها مقاصد سياحية عالمية.. يهتم بكل التفاصيل، ويكون أول من يحضر وآخر من يغادر.. هذه روح نادرة فى القيادة نفتقدها الآن!
وأخيراً، هذه كلمة حق لرجل يعمل من أجل الناس فعلا.. لا يشعرون أنه المحافظ، وإنما واحد منهم.. يأكل معهم، ويجلس على الأرض، ويسعى إليهم.. ولهذا أدعو الحكومة أن تساعده فى توسعات المطار الحالى فى كاترين.. إنها نقطة فى مصر، لم تكن تشعر بوجود الدولة!