بقلم : محمد أمين
عرفنا تاريخيًا أنه كان هناك إسهام عربى كبير فى الإنتاج المعرفى العالمى.. أيام ابن الهيثم وابن سينا وابن النفيس وابن رشد.. وكل هؤلاء معروفون عالميًا وشهرتهم تملأ الآفاق.. السؤال الآن: هل هناك إسهام عربى حاليًا فى الإنتاج المعرفى العالمى.. أم أن الشعوب العربية تعيش على ما ينتجه الغرب من علوم ودواء وأمصال، خاصة فى ظل جائحة كورونا؟.. هذا سؤال طرحه نخبة من المفكرين فى سفر كبير نشرته مكتبة الإسكندرية واهتمت به.. فإلى أى مدى تستفيد الشعوب بالبحث العلمى الذى تموله؟.. وهل هذا العلم مفيد للبشرية أم ضار جدًا بالصحة؟!
يقول الدكتور مجدى يوسف، أحد مؤلفى كتاب الإسهام العربى، إن هذه العلوم قد تنفع عامة الناس، لكنها أيضًا قد تضرهم، بل قد تؤدى لكوارث عامة تدفع ثمنها عامة الشعوب، مع أنها الممولة الأصلية لذلك البحث العلمى، كما حدث بالنسبة لهيروشيما وناجازاكى مثلًا، ومن هنا كتب «دورينمات» مسرحيته الشهيرة «علماء الطبيعة»، التى ينحو فيها باللائمة على هؤلاء العلماء، ويُعِدُّهم «وحوشًا كاسرة يجب أن توضع وراء القضبان»!
ويرى «يوسف» أن «اللوم لا يجب أن يوجه لعلماء الطبيعة، وقياسًا عليهم فى كافة التخصصات الدقيقة الأخرى، وإنما على التوجه العام للبحث العلمى والتعليم، ليس فقط فى مصر والعالم العربى، وإنما فى عالم اليوم على وجه العموم. إنما ندعو فى هذا العمل للصدور فى كل تخصص، مهما دقت تفرعاته وتشعبت، عن السعى لإشباع حاجة المجتمعات المحلية التى تنفق موضوعيًا على البحث العلمى، إلى ما يحقق لعامة الناس فى تلك المجتمعات المحلية حياة أفضل وأقل معاناة».
ويضيف: «لابد أن تحرص الإدارات الوطنية على تشجيع سياساتها الداعمة للبحث العلمى والتعليم. وأن يتكون فى كل من المجتمعات المحلية، مهما صغرت، فريق من الباحثين فى كافة التخصصات، يسعون بصورة جماعية لإيجاد حلول ومن ثم حياة أفضل وأنقى من التلوث بأنواعه المادية والفكرية لتلك المجتمعات، من خلال مقارنة حلولها المحلية بتلك التى توصلت إليه المجتمعات الأخرى فى سياقاتها المختلفة من نتائج، وذلك ليس لتبنيها، وإنما لاختبار مدى مصداقيتها بالرجوع لحلول المجتمع المحلى التى يجب أن تكون منطلقًا لتطويرها من داخلها، وليس بإحلالها بما توصل إليه الآخرون مهما بلغوا من تطور، (وهو ما أثبته فى مجال العلوم الطبيعية فى هذا الكتاب كل من الدكتور رؤوف حامد فى علم الأدوية، والدكتور حامد الموصلى فى هندسة الإنتاج). وهو ما قدمه المهندس حسن فتحى فى العمارة، وراسم بدران فى الأردن من تطويره لمبادئ حسن فتحى ونشرها فى المجال ذاته، وهو ما يناقشه فى هذا الكتاب علماء مخضرمون من جامعات أوروبية وأمريكية عريقة، معترفين بأهمية ما تعلموه من الإسهامات التى قدمها باحثونا المصريون والعرب فى هذا العمل الجماعى بالضرورة».
وأخيرًا، ما علاقة العلم المعاصر والأدب العربى المعاصر بالغرب، وهل يأتى فى حالة انصياع للغرب، أم أنه يؤثر فيه ويتأثر به؟.. هذا هو السؤال الذى يبحث عن إجابة!.