بقلم : محمد أمين
لم نعد نقرأ أخبار الحكومة المصرية للأسف.. لم نعد نعرف فيم تفكر؟.. ما هى خطتها؟.. ما تفسيرها لما يردده الرأى العام؟.. فلم تعد تصدر «بيانات رسمية» بالمعلومات.. أصبحنا نقرأ نفى الشائعات لنعرف الأخبار.. معناه أنه لا يوجد لدينا جهاز إعلام رسمى.. إنما لدينا جهاز رسمى لنفى الشائعات.. تخيل أن تقرأ فى الصباح نفياً لحوالى 12 شائعة فى موضوعات «حساسة» جداً!
ومن العجيب أنها تمس صميم الحياة اليومية.. ولم تسبقها الحكومة ببيان رسمى.. ولم تقدم المعلومات التى قدمتها فى «عملية النفى».. لم يُصدر المتحدث الرسمى بياناً فى أى قضية.. يتركون الناس أسبوعاً ثم يصدر النفى بالجملة.. لماذا؟.. سمعنا شائعات عن شهادات القناة، وتراجع المرور، واستقطاع بعض المدخرات لسداد «الديون».. فالصمت ليس من ذهب!
هناك أيضاً شائعات عن الدولار الجمركى وأثره على زيادة الأسعار.. لماذا لم تشرح الحكومة للناس؟.. لماذا لم تُصدر بياناً، واكتفت بالخبر فقط؟.. وهناك أيضاً شائعات عن استيراد ألبان فاسدة للأطفال، وفرض رسوم على خدمة الطوارئ بهيئة الإسعاف.. كيف استسلمنا لكل هذه الشائعات؟.. كيف سمحنا لها أن تعيش بيننا؟.. لماذا لم نواجهها بأخبار صحيحة؟!
وقس على هذا ما قيل عن اللعب فى معاشات الأبناء.. خاصة الابنة غير المتزوجة فى معاش والدها.. وفصل أيام الحضور بين الطلاب والطالبات فى الجامعات.. وهلمّ جرا.. أين نحن من كتائب تعمل على الشوشرة.. أين نحن من كتائب تحاول ضرب الاستقرار فى مصر؟.. كيف نسمح بهذا، وننتظر حتى يمر أسبوع؟.. المهم أن الشوشرة تحدث دائماً خلال سفريات الرئيس!
أشعر بالحزن أن التعليمات تصدر بنشر الخبر مجرداً فى سطرين فقط.. ثم يكون هناك «لغط».. ثم يصبح مثل كرة الثلج.. ثم تصدر تعليمات رسمية بالنفى.. فهل يعقل هذا بذمتكم؟.. اتركوا العيش لخبازيه.. هناك خدمة خبر لا تقل أهمية عن الخبر.. وهناك شرح لابد أن يُقدم مع الخبر.. وهناك «بيان» لابد أن يصدر مع أى قرار، ولا ينبغى أن يترك سؤالاً دون إجابة!
ويؤلمنى فعلاً أن تظهر مصر كأنها تبدأ «من الصفر».. ويؤلمنى أكثر أن يُنظر إليها باعتبارها «لا تعرف» وليس هناك من يعرف.. هل مصر فعلاً تتخبط؟.. ألا يوجد فيها من يملك أن يصنع إعلاماً مهنياً محترماً؟.. هل كتيبة الشائعات المعادية أقوى من مصر؟.. مصر ليست دولة من الصفر.. وتملك إعلاميين ينشرون الإعلام فى المنطقة.. ويعلّمون الغير أصول الإعلام!
وأخيراً، مصر ليست «دولة مبتدئة».. لدينا تاريخ طويل فى صناعة الإعلام.. اعتمدت عليه دول المنطقة مقروءاً ومسموعاً ومرئياً.. فلماذا أصيب الإعلام بالفشل، وظهرت الشائعات، وأصبحنا نعرف الأخبار من النفى الرسمى؟.. هذه مسألة تحتاج إلى نقاش طويل وعريض!.