بقلم : محمد أمين
من القضايا التى كانت تهتم بها الصحافة قبل حلول شهر رمضان، ومازالت تهتم بها، قضية الأسعار، وخصوصًا عقب أى زيادات أو علاوات.. وأخبار التموين والخبز كانت صفحة أولى.. وكنت أتابع حملات مباحث التموين وأكتب أخبارها، ولم يكن هناك جهاز لحماية المستهلك.. وكانت الدولة تضرب بيد من حديد على المتلاعبين بالأسعار.. والآن أصبح لدينا جهاز لحماية المستهلك، يتلقى 170 ألف شكوى سنويًا.. لا أعرف إن كان يفحصها أو يتوقف عند عدها فقط.. وأتمنى أن يصبح جهازًا مرعبًا مثل حماية المستهلك فى أوروبا.. مجرد ذكر اسمه يهدد المحال ويضع التجار فى «البلاك لست»، فيتوقف نشاطهم للأبد!
وقد خاطبتُ حماية المستهلك منذ أيام بالتدخل لضبط السوق، والمحافظة على ثبات الأسعار فى الأسواق.. وأمس عثرت على تصريحات لرئيس الجهاز يحذر من تغيير الأسعار ويهدد بتوقيع غرامة مليونى جنيه على من لا يلتزم بالأسعار المعلنة.. وطالب تجار التجزئة بكتابة الأسعار على المنتج، حتى يكون واضحًا للجمهور!
ولا أعتبر ما قاله رئيس الجهاز، فى تصريحاته، استجابة لما كتبته.. فقد درجت الحكومة على عدم الرد على الكُتّاب، والاكتفاء بالتصريحات التى تتضمن الإجابات.. ما علينا.. لكننى أعتبر أن الجهاز بدأ هو الآخر شن حملات على الأسواق لضبط الأسعار قبل رمضان.. فالأفكار مطروحة، والمناسبة موجودة ولا جديد فى هذا.. فرمضان موسم تقلبات الأسعار.. وكانت حملات التموين تنطلق فى هذا الموسم لحماية المستهلك، وتقديم الخدمات فى وقتها!
المهم أن التجار يصومون بالنهار ويرفعون الأسعار أيضًا.. مثل سائق التاكسى يصوم ويسمع القرآن، لكنه لا يشغل العداد.. دى نقرة ودى نقرة.. ثقافة مصرية ينبغى التخلص منها، وربط الصيام بالأخلاق وتشغيل العداد بالصيام والالتزام القانون.. ولابد أن تكون هناك وقفة من الجمهور للحصول على الفاتورة ودفع أجرة التاكسى بالضبط دون زيادة.. حتى لا تشجع السائق على الانحراف، والجشع!
أتصور أن جهاز حماية المستهلك له مكاتب فى المحافظات والمدن الكبرى، ويجب أن تكون له أرقام واضحة ومعلنة للاتصال بها وقت ارتكاب الجرائم التموينية، وقلَّ أن تكون هناك أرقام ينبغى أن تكون جاهزة للرد والتفاعل مع الجمهور، وتكون لديه فرق مدربة ومتخصصة وسريعة الانتشار لضبط الواقعة فى وقتها، فهذا الجهاز عمله أكبر من مفتش تموين، ولكنه يتسع لكل الخدمات الموجهة للمستهلك، ويجب أن تصل موثوقة ومضمونة وآمنة، لأنها تعكس سمعة مصر!
الشخصية المصرية يجب أن تكون شخصية جادة ومتقنة لعملها، بخلاف الصورة المعروفة أنها شخصية فهلوية.. ويمكن أن يساهم جهاز حماية المستهلك فى تغيير الصورة السائدة.. فيكون له دور فى تقديم كل الخدمات التى تُقدم للرأى العام!
وأخيرًا، فإن الدولة قد عملت ما عليها وأنشأت الجهاز وألحقته برئاسة مجلس الوزراء، وخصصت له الكوادر، والآن يبقى أن يثبت الجهاز أنه على قدر المسؤولية الموكولة إليه