بقلم : محمد أمين
أول خطوة فى بداية الدراسة أن تحدد حلمك.. أن تعرف ماذا تريد؟.. «اليوم السابع» سألت أطفال الابتدائى.. عاوز تطلع إيه؟.. بعضهم قال عاوز أبقى ضابط.. وبعضهم قال عاوز أطلع دكتور.. تذكرتُ هذه الأمنيات عندما كنتُ فى سن الطفولة الباكرة.. فقد كنتُ أريد أن أكون دكتور أعالج الغلابة.. لكننى كنت أتحلى بروح الضابط.. وكانت أمى تشم روح الانضباط!
فالضابط فى حياتنا رمز الانضباط والاستقامة والقوة.. والأطفال لا يفرقون بين ضابط الجيش وضابط الشرطة، إلا من كان فى عائلته أحد منهما.. كلاهما يحمى الوطن.. على الحدود، أو الجبهة الداخلية.. أصبحنا فى حاجة إلى الاثنين، أكثر من أى وقت مضى.. فى الداخل نحتاج إلى عيون مفتوحة ومفتّحة.. العدو الآن فى الداخل لا يقل عن الخارج، هذا هو قدرنا!
الجيش هو عزنا وشرفنا.. نغار عليه، ولا نقبل أى مساس به.. لأنه يضم أولادنا وأشقاءنا، كما أننا خدمنا فيه بروحنا.. كنت ضابط احتياط.. وهى سنوات أفخر بها، وأشعر أنها تركت أثراً فى حياتى.. هكذا هو الجيش عند المصريين.. لا يمثل تياراً ولا مذهباً.. إنما يمثل مصر.. ولذلك تأثرت لأن الأطفال يريدون أن يكونوا ضباطاً، يؤدون «واجبهم» لحماية الوطن!
وإذا أردت أن تعرف ذلك، حاول أن تعرف الأعداد التى تتقدم سنوياً للكليات العسكرية أو أكاديمية الشرطة.. ستعرف أن هذه العلاقة أشبه بالعقيدة عند المصريين.. إنها أعداد بعشرات الآلاف.. ليس لأنها وظيفة.. ولكنها اختيار لطريقة الحياة.. وفى الوقت نفسه هى العشق القديم، الذى يتجدد كل يوم.. هى أيضاً العقيدة التى نشأ عليها أبناء مصر للدفاع عن البلاد!
الأطفال يتكلمون ببراءة شديدة.. بعيداً عن الفذلكة.. فمن يريد أن يكون ضابطاً، فلأن أسرته تتحدث عن الجيش والشرطة باحترام شديد.. ومن يريد أن يكون طبيباً فلابد أن أسرته تشجع العمل الإنسانى.. تخيل طفلاً فى السادسة يقول: عاوز أعالج الغلابة والفقراء؟.. ربما كان أبوه يعانى.. وربما كانت أمه كذلك.. الأطفال لا يكذبون.. إذا «أحبوا» الجيش أو الشرطة!
فلا أتحدث هنا عن الوظيفة.. فالأطفال فى هذه السن الصغيرة يتحدثون عن العقيدة، لا الوظيفة.. فمن يريد أن يحمى الناس، ومن يريد أن يعالج الناس ويوفر لهم العلاج.. هذه الأحلام الصغيرة تكبر مع الأيام.. تكوّن جيلاً يحب الوطن ولا يكرهه.. يريد أن يخدمه.. المهم أن يكون التعليم فى خدمة المجتمع وتطويره.. وأن يشجع الابتكار والمعرفة، وليس حشو الرؤوس!
وأخيراً، فإن رسالة الأطفال واضحة «متخافوش على مصر».. كلنا جيش وشرطة.. خذوهم فى رحلات إلى المتاحف العسكرية.. خذوهم إلى مستشفيات الجيش والشرطة.. رجّعوا حصص التربية العسكرية للمدارس.. ساعتها سيكون لدينا جيل «منضبط» يحب الوطن.. ولا يخونه أبداً!